الجمعة 02 مايو 2025
30°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الحب الإلكتروني... كيف تُغيّر وسائل التواصل الاجتماعي علاقاتنا؟
play icon
كل الآراء

الحب الإلكتروني... كيف تُغيّر وسائل التواصل الاجتماعي علاقاتنا؟

Time
الأربعاء 30 أبريل 2025
View
20
د.عدنان محرز

لا أحد ينكر أن الإنترنت أعظم إنجاز بشري في مجال الاتصال، وأنه بات يؤدي دوراً كبيراً في التحولات والعلاقات الاجتماعية والحياتية بجوانبها كافة.

فهذه الشبكة التي كانت في بدايتها، حكراً ولسنين طويلة على جهاز المخابرات الأميركي، وبعض الأجهزة العلمية والأمنية ذات المستوى الرفيع، اكتسحت اليوم العالم، وأصبحت في متناول الجميع، ووضعت في الاستعمال العام بداية عبر مقاهي الإنترنت في بريطانيا عام 1995. وتحولت بعدها ظاهرة جديدة ترتبط بحياتنا اليومية، وبجميع جوانبها بشكل كبير، لما فيها من مواقع وبرامج، أو تطبيقات مخصصة للاستخدامات كافة: السفر والحجوزات، التسوق والمراسلات، الدردشة والمناقشات، الدعاية والإعلام وغيرها الكثير، مما أتاح القدرة للمستخدمين على التواصل بينهم من خلال وضع معلومات وتعليقات، وصور ونصوص، لدرجة أن هذه الوسائل أصبحت تستحوذ على حوالي 71 في المئة من السوق الإعلامية والاتصالية العالمية. يساعد عصر التواصل الاجتماعي التقني الذي يعيشه العالم حاليا على انتشار الشعور بالذاتية، ويعزز قدرة الفرد على التأثير في عالم مفتوح، ويشجع الروابط العابرة للحدود، فالفرد قادر على الاتصال بالعالم الخارجي، دون أن ينتقل من مكانه، وعندما تختفي المسافة يصبح للأفكار أجنحة وتسهل مشاركة الآخرين في الأفكار الأمر، الذي ينعكس على السلوك الفردي والجماعي.

فهذه الوسائل تُتيح لنا التواصل مع المزيد من الأشخاص بسرعة أكبر، وبحميمية أعمق؛ فهي تُسهّل مقارنة أنفسنا بالآخرين، مما قد يكون له آثار إيجابية أو سلبية.

كما تسهم في بناء الروابط الاجتماعية ورعايتها وتخلق سلوكيات تواصلية تُعطي إشارات مختلفة لمفهوم الذات الأخلاقي لدى الناس، قد تُنتج سلوكيات التواصل الاجتماعي نسباً سلبية لتقدير الذات، عندما يصعب تبرير بعض السلوكيات، خاصة عندما يتعلق الأمر في الجوانب الأكثر خصوصية، بل إن لها تأثيرات كبيرة في الجوانب التربوية والسلوكية للجيل الجديد من الشباب. وهنا تكمن مسألة سوء استخدامها، فالكثير من القضايا والمسائل المهمة التي أحدثتها التكنولوجيا لم تكن سيئة، إلا أن البعض يرى أن هناك بعض الأخطار، عندما تستخدم هذه التقانة الحديثة في العلاقات شديدة الخصوصية، كمجال المشاعر والعواطف والرغبات، بما يطلق عليه اليوم ظاهرة "الحب الإلكتروني أو الافتراضي". وهي ظاهرة اجتماعية حظيت بانتشار واسع بين مستخدمي وسائل التواصل، والتي قد تتطور عند البعض لتدخل في نطاق "الجنس الإلكتروني أو الافتراضي"، بما يتضمنه من تواصل ذهني بين شخصين، وفي الغالب بشخصيات مستعارة يتكشف عن بعض الميل والجاذبية بينهما، ثم يتطور إلى رغبة في الاستكشاف الأعمق، ويتخذ طريقه إلى الوجود عن طريق الانتقال إلى زوايا خاصة للتحاور الشخصي. ثم يتطور الاهتمام، وينتقل من اهتمام كل طرف بثقافة الآخر وفكره إلى اهتمام بطباعه ومزاجه، وعواطفه ومشاعره، ثم إلى الاهتمام بجسده.

إن الحب الالكتروني والعلاقات الافتراضية لا تحمل أي معنى من معاني العاطفة، أو الحب، أو الدفء العاطفي، وليس فيها أي دفء، وتفتقر إلى عنصر الحب، والإشباع الذي يحصل في العملية الطبيعية. وهي تعبر عن سلوك إدماني على المدى الطويل وتؤدي إلى أمراض نفسية شديدة، مثل الاكتئاب واضطرابات السلوك، لذا ينصح بالابتعاد عن هذه الأساليب، خصوصاً عند شعور الشخص أنه بدأ يتعلق بها، أي أصبحت تسيطر على تفكيره، ولا يستطيع مقاومتها، فيكون قد دخل في حالة مرضية، ويجب على الشخص الابتعاد عنها. المسألة إذا تعتمد على كيفية استخدامنا لهذه المواقع، فوسائل التواصل الاجتماعي رائعة لبناء علاقات مع الآخرين، والحفاظ عليها، ومشاركة معلومات قد لا نجدها في أي مكان آخر، فهي تفتح آفاقاً جديدة من خلال ربطنا برواد في مجالهم، وزملاء عمل في المكتب.

كما تمكننا من التعبير والمشاركة في مواضيع مهمة، والاطلاع على آخر الأخبار، والحصول على المعلومات، لكنها غالباً ما تؤثر سلباً، إذا تم استخدامها في أمور خاطئة، فالعديد من العلاقات دُمّرت بسببها. وهنا نتساءل على من نضع اللوم، هل نضعه على شبكة الانترنت، ونغض النظر عن كل ما تقدمه من فائدة، أم المسؤولية تقع على الجهل وغياب الثقافة العامة؟

نبقى منتظرين آملين إيجاد الجواب المناسب لهذا التساؤل.

كاتب سوري

آخر الأخبار