يترقب المجتمع التعاوني صدور قانون التعاون الجديد بحالة من القلق والأمل، أن يكون هذا القانون فعلا هو التغيير المنتظر، لا سيما ما يخص آلية انتخاب إدارة الجمعية، والذي يعتبر أكثر ما ساد الساحة الاجتماعية بحثاً، ونقاشاً، لما له من تأثير مباشر على مستقبل العمل التعاوني.
فمنذ نشأة العمل التعاوني النظام الانتخابي، يقوم على اختيار تسعة أعضاء لمجلس إدارة الجمعية التعاونية، فما بالك تسعة، والتصويت أصبح صوتاً واحداً.
هذه الآلية أثبتت بالتجربة أنها لم تعد ملائمة للمرحلة الحالية، والمستقبلية، تسعة أعضاء يعني تسعة اتجاهات، وتسعة آراء، وتسعة مصالح مختلفة ومتضاربة والنتيجة، اختلاف في القرارات، صراعات داخلية حروب إعلامية وتشهير، وتجييش لا يستفيد منها المساهم، الذي يبحث عن الخدمات والأسعار، ولا الجهات الرقابية التي تبحث عن أتباع السياسات، والإجراءات بما يعود بالنفع على الدولة والمجتمع.
هذا التعدد أصبح عبئا، وليس من مصلحة الجمعية بالمطلق، بل أدى إلى إضعاف الجهاز الإداري، وهمش دور المدير العام والنواب، ورؤساء الأقسام، فأصبح المجلس هو المتحكم بكل شيء، حتى في التفاصيل التشغيلية الدقيقة، مما يجعلها بيئة غير صالحة للعمل، ويربك الأداء العام، ويعتاش عليه الطفيليون.
هنا أنا أطرح وجهة نظري بوضوح، والبديل الأفضل هو نظام ينتخب فيه رئيس واحد للجمعية التعاونية فقط، يكون هو المسؤول مسؤولية مباشرة عن الإدارة، ويتمتع بالصلاحيات كاملة، ويحاسب من الجمعية العمومية والجهات الرقابية.
ميزة هذا النظام تمنحنا وضوحا في القرار، ومرونة وإنجازا أكثر، وأسرع، وتعاد للجهاز الإداري مكانته الطبيعة، ويكون له دور يؤديه دون تداخل اختصاصات مع لجان المجلس أو الأعضاء المتصارعين، ويصبح لدينا" one address" نتفاهم معه.
وتطبيق هذا النموذج يحقق نتائج إدارية أفضل، بل يوفر في الأموال أيضاً، فالنظام الحالي الذي يضم تسعة أعضاء يكلف الجمعية الواحدة 81 ألف دينار سنويا، بمعدل 9 الاف دينار لكل عضو، فما بالك يوجد لدينا 79 جمعية، واتحادا تقريبا يبلغ عدد أعضائهم أكثر من 700 شخص، في حين أن نظام الرئيس الواحد حتى لو تمت مضاعفة المكافأة، وأصبحت 40 ألف دينار أو 50 ألف دينار، سوف تظل أقل تكلفة، وجدوى من مجلس من تسعة أعضاء.
بمعنى رفع المكافأة أربعة أو خمسة أضعاف، مع وجود رئيس واحد سيجعل المنصب مطمعاً، وأكثر جذبا للكفاءات، وسينهي تبريرات من يقول إن مكافأة تسعة آلاف لا تستحق العناء، ونحن هنا لا نكرم الأشخاص بهذه المبالغ، بل نثمن المسؤولية ونربطها بخلق حافز مجز يشجع التنافس، الذي لن ينجح فيه إلا فعلا من يستحق تمثيل المساهمين، ويرضيهم.
ببساطة وواقعية التعامل مع رئيس واحد يسهل كثيراً على الجميع، مساهمين وجهات رقابية، تقابله تستمع إليه، وتستطيع تقييمه من أول لقاء، إذا كان قادرا حمل المسؤولية، هل يملك رؤية، هل هو "صاحي" كما نقول بالعامية، بعكس المجلس المكون من تسعة التي تحتاج إلى وقت طويل لاكتشاف الشخصيات والنيات، وقد لا نكتشفها إلا بعد أن تتفكك الجمعية وندخل دوامة الصراعات التي لا تنتهي؟
هذا هو الواقع، ويجب أن نقوله كما هو... أرفع المكافأة، ورئيس واحد منتخب، وأترك الأمر لمخيلتكم، ماذا سيحدث من نتائج؟
ومن زاويتي المتواضعة في "السياسية" أقول: يجب ألا نقلق، أو نتردد عند طرح أفكارنا علناً، سواء في الإعلام أو أمام المسؤولين، لأنها مسؤولية وطنية وأخلاقية تجاه وطننا، وواجب علينا أن نشارك، ما دمنا نتحدث من منطلق المحبة والإصلاح، وإثراء للعمل التعاوني.
نحن نعيش في زمن لن تتكرر فيه مساحة شاسعة تسع الجميع لتقديم التصورات والمبادرات، والاقتراحات، ويجب أن نكون حاضرين، ذهنياً وعملياً، لإنجاح وتحقيق رؤية سمو الأمير، حفظه الله ورعاه، وهذا ما أعاهد نفسي عليه.
باختصار شديد يكمن الذكاء في تبسيط الأفكار المعقدة، وهذا هو النجاح الحقيقي.
المراقب المالي لاتحاد الجمعيات التعاونية الاستهلاكية - قطاع التعاون