وجهة نظر
القاعدة القانونية الآمرة هي القواعد التي تفرض أحكاماً ملزمة على الجميع، ولا يجوز الاتفاق على مخالفتها، لأنها تتعلق بالمصلحة العامة أو المبادئ الأساسية التي يقوم عليها المجتمع. وأي اتفاق يتعارض معها يعد باطلاً بطلاناً مطلقاً.
بينما لو نظرنا إلى القاعدة القانونية المكملة فهي القواعد التي تترك للأفراد حرية الاتفاق على تطبيقها، أو استبدالها بأحكام أخرى تناسب مصالحهم، بحيث تطبق تلقائياً في حال لم يتفق الأطراف على خلافها، لكنها لا تُلزمهم بالضرورة ويعودون إلى الأصل وهو إلزامية القاعدة.
وعدم إمكانية الاتفاق على مخالفتها، القاعدة القانونية الآمرة، لأنها تتعلق بأسس النظام العام والآداب العامة، وأي اتفاق يتضمن مخالفتها يكون عديم الأثر القانوني.
بينما القاعدة القانونية المكملة، يمكن للأفراد الاتفاق على عدم تطبيقها واستبدالها بأحكام أخرى يرونها مناسبة لعلاقاتهم التعاقدية، لكن إذا لم يتفقوا على تنظيم معين، فكما اسلفت فإن القاعدة المكملة تصبح ملزمة لهم.
الهدف من هذا التفريق: فإن القاعدة القانونية الآمرة تهدف إلى حماية القيم الأساسية في المجتمع، مثل تحقيق العدالة، حفظ الأمن والاستقرار، وضمان الحقوق الأساسية للأفراد، بالإضافة إلى حماية المصالح العليا التي لا يمكن ترك تنظيمها لرغبات الأفراد.
أما القاعدة القانونية المكملة، تهدف إلى تقديم حلول افتراضية للأفراد عند غياب اتفاق مسبق بشأن مسائل معينة، مما يسهم في تسهيل التعاقدات والعلاقات القانونية بين الأفراد دون الحاجة إلى الخوض في جميع التفاصيل أثناء إبرام الاتفاقات.
ولو نظرنا في المجال المتاح للقاعدتين: فالقاعدة القانونية الآمرة تنتشر في فروع القانون العام مثل القانون الدستوري، القانون الجنائي، وقوانين الأحوال الشخصية، لتنظيم أمور لا يجوز تركها لحرية الأفراد، لأنها تؤثر في استقرار المجتمع ككل.
أما القاعدة القانونية المكملة فهي تنتشر في فروع القانون الخاص، مثل القانون المدني والتجاري، وتمنح الأفراد حرية تنظيم علاقاتهم وفقاً لمصالحهم الخاصة، مع وجود قواعد قانونية احتياطية في حال غياب اتفاق واضح.
كما ان المعيار اللفظي للتمييز بين القاعدة القانونية الآمرة والمكملة فيمكن التعرف على القواعد الآمرة من خلال صياغتها اللغوية، إذ تستخدم ألفاظاً تدل على المنع أو البطلان، مثل "يقع باطلا كل اتفاق يخالف هذا النص"، "لا يجوز"، أو "يجب على الجميع الالتزام بـ". القاعدة القانونية المكملة
بينما يمكن التعرف على القواعد المكملة من خلال استخدامها لعبارات مرنة تدل على جواز الاتفاق على مخالفتها، مثل: "ما لم يتفق على خلاف ذلك"، أو "إلا إذا تم الاتفاق على غير ذلك".
وأما المعيار الموضوعي للتفريق بينهما فان القاعدة القانونية الآمرة فيمكن تحديدها من خلال مضمونها، لإنها تتعلق بمسائل جوهرية تتصل بكيان المجتمع، وأمنه، واستقراره، مثل منع الجرائم أو تنظيم شؤون الأسرة، مما يجعلها غير قابلة للمخالفة.
بينما القاعدة القانونية المكملة يمكن تحديدها بناءً على مدى ارتباطها بالمصالح الخاصة للأفراد، حيث لا يكون هناك ضرر عام من الاتفاق على مخالفتها، مثل تحديد طريقة دفع المصروفات في عقد معين.
ولمزيد من التوضيح فهناك أمثلة في القاعدة القانونية الآمرة حيث ان القواعد التي تحرم الجرائم مثل القتل والسرقة، حيث لا يجوز للأفراد الاتفاق على إباحتها.
في المقابل فإن القاعدة القانونية المكملة تحدد توزيع النفقات في بعض العقود، مثل ما إذا كان البائع أو المشتري هو المسؤول عن تكاليف نقل البضائع، ما لم يتفقا على غير ذلك.
هويا ناصر العجمي
كلية الدراسات التجارية - تخصص قانون