بداية، نعترف أن هناك خطوات كبيرة في موضوع الانفتاح، وقانون الإقامة الجديد لا شك فيه إيجابيات، وهو المحتاج لوضع لائحته التنفيذية، التي طال انتظارها، حتى يصبح موضع التنفيذ.
رغم ذلك، هناك منغصات، ما يجعل الانفتاح ناقصاً، وهذه التي نضعها أمام رئيس مجلس الوزراء بالإنابة، وزير الداخلية، الذي يشهد الجميع لجهده الكبير في مجالات شتى، كي تكتمل الصورة الحضارية للكويت، وتسابق مثيلاتها في دول مجلس التعاون الخليجي، التي سارت على خطى ثابتة في الانفتاح، وتنشيط اقتصادها، من خلال قوانين إقامة عصرية.
من هذه المنغصات، أن الزائر للكويت عليه الحصول على شهادة جامعية، وهنا نسأل: إذا كان هذا الشخص يأتي للاطلاع على أوضاع الاستثمار، أو لديه خبرة في مهنة معينة، وتحتاجه شركة ما لمدة معينة، فهل بشهادته ينجز مهمته، أم بخبرته؟
في هذا الأمر، أتذكر أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أصدر في ولايته الأولى أمراً تنفيذياً خلاصته "المهارة قبل الشهادات"، وقال في ذلك: "نحن نسعى إلى الحصول على مرشحين يتمتعون بالكفاءات والمعرفة ذات الصلة، بدلاً من مجرد التوظيف بناءً على الشهادة"، وفي كل دول العالم المتقدمة ليست الشهادة هي المقياس، إنما الخبرة والمهارات، وهو ما ينطبق على ألمانيا وفرنسا وإنكلترا، وغيرها الكثير، التي تستفيد من خبرات الناس لتطوير اقتصادها.
الأمر الآخر، لماذا يمنع المقيم، أو المواطن، من الحصول على تأشيرة زيارة لأحد أفراد عائلته، أو قريبه، طالما أن لديه إمكانية الإنفاق عليه، وتأمين تذكرة سفر لعودته إلى بلاده، ولماذا اشتراط أن تكون التذكرة صادرة عن شركات طيران محلية، فيما هناك معاناة كبيرة لإقفال شركات طيران أجنبية مكاتبها في الكويت، بينما هذا القطاع يحتاج إلى تنشيط؟
في سنوات الإقفال، جراء رؤية متخلفة لبعض المسؤولين، خسرت الكويت الكثير من الخبرات، لأن هناك من وضع قراراً يمنع المقيم من تجديد إقامته إلا إذا كان حائزاً شهادة جامعية، وكل هؤلاء استقبلتهم دول الخليج الأخرى، لأنهم يتمتعون بالخبرة، ويعرفون العادات الخليجية، واستفادت منهم.
هنا أتذكر مقولة "إن الكويت تربي وتعلم، ثم تطرد هؤلاء الذين يصبحون قيمة مضافة في الدول الأخرى"، ولهذا تراجعنا في الكثير من المجالات، وإلى اليوم يعاني اقتصادنا، أما في المجال الاجتماعي، فقد تحولت الكويت، جراء تلك القرارات الخاطئة التي وضعت بوحي من تجار الإقامات، إلى مجتمع عزاب.
في المقابل، عملت دول "التعاون" على حل هذه المشكلة من خلال السماح للزيارة التجارية أو العائلية، وبعضها جعلها لسفرات عدة، وكذلك سمحت بجلب عائلات الوافدين من دون أدنى مشكلات، بينما عملت دول أخرى على حل مشكلة ما يسمى عندنا "العمالة السائبة"، عبر كفالتها للعامل، والحصول على رسوم كانت تذهب إلى تجار الإقامات.
هنا علينا أن نستفيد من دورة "كأس الخليج 26"، حين جاء إلى الكويت آلاف العراقيين، وكانت تجربة مهمة، فهؤلاء أقاموا في فنادق البلاد، واشتروا الكثير من السلع، وعادوا إلى بلادهم، ولم يكن هناك أي مخالف، وهذه الزيارات خلقت الود والمحبة اللذين نحتاج إليهما.
أضف إلى ذلك، كانت بعض دول الخليج تتشدد في الزيارات، أما اليوم فتسمح بإصدار التأشيرة إلكترونياً، والسعودية، مثلاً، تصدرها في غضون ثلاث دقائق، ولديها حالياً زوار تتعدى أعدادهم الملايين، وهذا لا شك يدعم الاقتصاد.
أخيراً، ثمة شركة كويتية تتقدم بدعوة تجارية أو موقتة، فلماذا تشترط الشهادة الجامعية للمدعو، ما قصة تلك الشهادة، وهو قادم بزيارة تجارية، لأيام أو شهر، وحين تنتهي مهمته يعود إلى بلده، والذي دعاه لن يزوجه ابنته؟
نعود ونقول: هذه الملاحظات نضعها أمام رئيس مجلس الوزراء بالإنابة، كي لا تكون الكويت خارج سرب الانفتاح الخليجي.