إعلان الوزير عبداللطيف المشاري تفعيل المطور العقاري خطوة في الاتجاه الصحيح نحو حل أزمة الإسكان المتفاقمة منذ عقود، بل كان يجب العمل بها منذ عشر سنوات أو حتى 20 سنة، أما وقد أُقرت، فذلك يبشر بالكثير مما يمكن أن يحرك الأسواق كافة في البلاد.
منذ زمن، أثبتت سياسة "أرض وقرض" أنها غير مجدية، وهي كانت أساساً تحقيقاً لرغبة نيابية وحكومية قامت على مبدأ تحقيق المصالح الخاصة، وليست المصلحة العامة، ولهذا تُرك الحبل على الغارب في ما يتعلق بالبناء، حتى أصبحت غالبية المناطق السكنية عبارة عن كتل خرسانية قبيحة الشكل والمنظر، لأن هدف المستفيد من الرعاية السكنية، إضافة إلى سكنه، سداد الديون المترتبة على بناء مساحات فوق حاجته، إما لتقليد جيرانه، أو طمعاً في الإيجارات.
في الدول كافة، خصوصاً تلك العاملة بمبدأ الرعاية السكنية، جعل الأساس أن تكون المدن الجديدة مطابقة للبيئة الاجتماعية والطبيعية، من جهة، وتخفف الأعباء على المواطن من جهة أخرى، لهذا عملت على تخصيص أراض، وأسندتها إلى المطور العقاري، وحددت ثلاثة أو أربعة نماذج للبناء، ولكل منها سعره، يختاره المستفيد، وفق حاجته وقدرته المالية، كما يمنع من البناء العشوائي، وكذلك تكون وفق ميزانيته، فلا يقع في فخ القروض والتعسر بالسداد، كما هو حاصل عندنا.
في المقابل، تكفلت الحكومات بفوائد القروض، أو بنسبة منها، وضمان السداد، فيما لا تصدر شهادة الملكية إلا بعد انتهاء القرض، الذي يمكن أن يكون على 20 أو 30 سنة، وأكثر، بينما سكن المواطن مضمون، وكذلك راحة أسرته.
كذلك عملت على أن تكون تلك المدن مكتفية ذاتياً بكل الخدمات، من كهرباء ومياه، حتى الصرف الصحي، والنظافة، وخصصت لكل منطقة لجان لإدارة المنطقة، وبهذا حلت الكثير من المشكلات، فيما دول أخرى أخذت بمبدأ اللامركزية الإدارية، فكانت مستقلة بخدماتها، وهذا خفف الأعباء عن المالية العامة.
مع تفعيل مشروعات المطور العقاري، هناك إمكانات لتحريك مشاريع كبرى، تشارك فيها البنوك التجارية الكويتية، فهي لديها ما يزيد على 100 مليار دينار غير مستغلة بالشكل الصحيح، وتحتاج إلى توظيفها بما يتناسب مع القدرات الموجودة في السوق المحلية، وكذلك لدى المطورين العقاريين، والمشاريع الجانبية الناشئة.
في السابق، كانت الحلول كلها عقيمة، لأن الحل الواقعي لم يلتفت إليه صانع القرار الإسكاني نتيجة تدخلات نيابية وحكومية، ومتنفذين، كما أسلفنا، أما حالياً فبات بإمكان جميع المواطنين الحصول على رعاية سكنية، من دون أي أعباء إضافية، ولا قروض ترهقهم، ولا يكون هناك أي إنفاق حكومي.
في هذا الشأن، لا بد من شكر وزير الدولة لشؤون البلدية، وزير الدولة لشؤون الإسكان عبداللطيف المشاري، الذي أخذ على عاتقه حل هذه الأزمة المزمنة، وعبر اتباعه المسار الصحيح، ولا شك أن هذه الخطوة تحتاج إلى تفعيل نماذج البناء كما هو معمول به في الدول المجاورة، كي تكون متناسقة، وتخدم البيئة، وكذلك تحرك البنوك التي أساساً عملها يقوم على صناعة المال من المال.