خلال المدة القصيرة للحكومة السابقة، وفي فترة وجيزة، جرت إحالة العديد من القياديين في الإدارة الحكومية إلى التقاعد، أو طلب منهم الاستقالة، وخلقت مشكلة لا نزال نعاني منها، ونتج عنها خروج قياديين ذوي كفاءة، كما نتج عنها شواغر عديدة في الوظائف القيادية والإشرافية، ومعظمها إما سكِّنت موقتاً بالتكليف أو الإنابة، أو بقيت شاغرة حتى اليوم، وذلك في مناصب خدمية حيوية، وتلك القرارات لا تزال سلبياتها إلى اليوم، وتستدعي المعالجة.
ونتيجة لذلك، ولعوامل أخرى، أصبح ملحوظاً تراجع مستوى الخدمات والمعاملات التي تقدم للمواطن، فالقياديون والإشرافيون بين التكليف الموقت وبين ندرة الخبرة، وأحيانا نقص الكفاءة، والنتيجة انخفاض الإنتاجية، وتأخر المعاملات، وعدم القدرة على اتخاذ القرارات اللازمة.
وفي ضوء محدودية قدرة القياديين على اتخاذ القرارات، كان ملحوظاً حضور الوزراء في الإعلام، وفي اتخاذ القرارات وأحياناً في مسائل فنية وإدارية، تعودنا أن نسمع بشأنها من القياديين في الإدارة الحكومية.
إن عدم ملء هذه الشواغر بالسرعة الممكنة والكفاءات اللازمة، وهي متوافرة، ساهم في ضعف أداء بعض الأجهزة الحكومية، مما يتطلب المعالجة.
وفي ظل التحديات الكبيرة التي تواجه الإدارة الحكومية، فإن الأمر يتطلب سرعة تسكين هذه الشواغر بقيادات إدارية وإشرافية عالية التأهيل، مرتفعة الجودة، والكفاءة في الأداء، وتعمل في إطار رؤية ستراتيجية، وقادرة على فهم وتنفيذ السياسات العامة.
ومع عدم التقليل من شأن معايير التعيين في الوظائف القيادية والإشرافية المعمول بها في نظام الخدمة المدنية، فإن الأداء العملي لهذه الوظائف لا يعكس، في أحيان عدة، كفاية تلك المعايير، ويترتب على ذلك، أن تبقى القيادات الإدارية غير قادرة على التطوير ومعالجة الإشكاليات.
إن عدم كفاية تلك المعايير يستدعي تنفيذ برنامج متكامل، وعاجل، لإعداد القادة.