

الأسد للحمار: البشر لا يعترفون بالجميل ولا التضحية
- هم يهابون القوة ويُعظِّمون من يُخيفهم ويهابونه
- الحمار للأسد: تغرس أنيابك في اللحم الحي ويمدحونك
- لماذا أساعد البشر ويصفون من يكرهونه بالحمار؟
- أظل وفياً دون تذمُّر رغم ذلك يصفونني بالغباء
- الضعف عارٌ حتى لو كان بالإخلاص والقوة مجدٌ
الناس تهاب القوي، ويتفاخر أحدهم عندما يُنعت بصفات الأسد أو النمر، أو الذئب، رغم أنها أشرس الحيوانات المفترسة، لا تفرق بين إنسان وحيوان في ذلك.
في المقابل، الحمار، هذا الكائن الذكي، الصبور، فإن الشخص البليد، والغبي، يوصف عن البشر بـ"الحمار"، وهذا لا شك غير واقعي.
في الأسطر التالية، هناك قصة ذات مغزى في هذا الشأن، بينما في القصة الثانية، دلالة على الفرق بين الشعارات والعمل.
ففي يوم من الأيام جلس الحمار عند ضفة نهر يتأمل انعكاس وجهه على صفحة الماء، فقد بدت عليه علامات الحزن والتفكر.
مرّ الأسد إلى جانبه، فرفع الحمار رأسه، وقال: يا سيد الغابة، يا من ترتجف له الوحوش إذا زأر، أريد أن أسألك سؤالاً طالما حيّرني، وأتعب عقلي.
وقف الأسد ونظر إليه، فقال الحمار: لماذا أنا الذي أساعد البشر، وأحمل عنهم أثقالهم، وأرافقهم في سفرهم إذا أرادوا التنقل أو جلب أرزاقهم من الحقول.
وأضاف: وكنت أنا أصبر على الجلد، وأتحمل الضرب، وأظل وفياً دون تذمر، رغم ذلك، فإن البشر حين يكرهون شخصاً، أو يصفونه بالغباء ويشتمونه، يقولون له: يا حمار، وأنت يا ملك الوحوش تهاجم، وتفترس، وتغرس أنيابك في اللحم الحي، ويهرب منك الجميع، وترعب القلوب، ومع ذلك إذا أرادوا أن يمدحوا أحداً قالوا: شجاع كالأسد، أو قوي كالأسد، لماذا أنا أُهان وأنت تُمدح؟
ظل الأسد صامتاً للحظة، ثم قال: لأن البشر يا صديقي لا يعترفون بالجميل، ولا يقدّرون الصبر ولا التضحية، إنهم يهابون القوة، ويعظمون من يخيفهم، ويمدحون من يفرض هيبته عليهم، ويحتقرون من يمد لهم يد العون، ففي عالمهم، الضعف عار، حتى لو كان في صورة الإخلاص، والقوة مجد حتى لو كانت في صورة ظلم، هكذا هم البشر، لا ينظرون إلى قلبك، بل إلى مدى قدرتك على السيطرة.
وأضاف: أنت تحملهم في رحلاتهم، وهم يحملون في كلماتهم الشتيمة.
سكت الحمار طويلاً، ثم قال: أفهم الآن، كنت أظن أن الخير يكافأ، لكن يبدو أن في عالم البشر كل شيء معكوس.
هز الأسد رأسه، برفق ثم مضى في طريقه.
أما القصة الثانية فلها دلالات عدة، تتعلق بمن يتغنى بالشعارات، فيما لا يفعل أي شيء لتأكيدها.
في إحدى الجامعات، سأل الدكتور طلابه: إذا كان هناك خمسة ذئاب، وقرر أربعة منها التوقف عن العواء، فكم بقي من ذئب يعوي؟
فأجاب الجميع واحداً، وفوجئوا حين اختلف معهم أحد الطلاب، وقال الذي بقي خمسة ذئاب، فكان الانبهار.
فسأله الدكتور: كيف ذلك؟
فقال: لقد قلت قرروا، ولم تقل توقفوا، واتخاذ القرار لا يعني تنفيذه، وكانت الإجابة صحيحة بالفعل.
هذه القصة تلخص حياة بعض الأشخاص، تجد في حياتهم الكثير من الشعارات والكلمات الرنانة، وتجدهم نجوماً في المجالس وبين الأصدقاء، لكنهم ليسوا كذلك في حياتهم الحقيقية، فالكثير يتكلم والقليل يفعل، وكونك تقرر شيئاً، وتفعل شيئاً آخر، فهذا لا يعني أنك نجم.
- كويتي تعثر وأصبح مديوناً، تلاحقه بقانون الضبط والإحضار، وتمنعه من السفر، وتأخذ سيارته، وتأمر الشرطة بملاحقته... وين يحدث ولا في الدول المتخلفة!
- الدَّين في كل دول العالم قضية مدنية، وشخص استدان وفلّس لأن ما عنده ما يدفعه، في دول العالم المتحضر الشرطة والسجون والقضاء ليسوا مندوبين للدائن. كان على الدائن أن يحافظ على ماله، ويطلب رهونات، وش القصة يا حكومة؟ مضحك القول ما دام عنده فلوس، خله يسافر، يدفعها للدائن، ما عنده فلوس ومعزوم على السفر رأفة بحاله اتركوه يسافر لعل الله يرزقه.
- الشيك بلا رصيد استغله بعض تجار الربا، ولما تسألهم إن المحكوم عليه ما عنده يسدد دينه، يقولون لك: ذبه في السجن، ربعه يتحاططون له، وبيت الزكاة يدفع عنه.
- نقول للدائن: المدين ما عنده وأنت عطيته، قال: ذبه في السجن، ويدبر حاله، نسوان ذبوهم بالسجون بلا خوف من الله، والحكومة وأجهزتها صايرة مندوبين تحصيل لهم، بما فيهم محكمة التنفيذ، الله يستر علينا من غضب الله... نكرر ونقول إن الحق في الدين على المفرط.
- سجن "الشيك بلا رصيد" في كل دول العالم غير موجود، عدا في بعض الدول المتخلفة، ومنع السفر لا يطبق إلا على قضايا الجنايات، خصوصاً لأبناء الوطن.