- الرئيس السوري الانتقالي يقر بمفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل
- ماكرون: حماية كل السوريين ومعاقبة المسؤولين عن المجازر في سوريا
في ظل المعلن، تبدو زيارة الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع إلى فرنسا، محاولة متبادلة لتحقيق أكبر مصالح ممكنة من هذه العلاقة، ففرنسا التي سارعت إلى تصدر المشهد الأوروبي في سوريا بعد سقوط نظام الأسد بالتعاون مع ألمانيا، تسعى لزيادة الضغوط على روسيا التي تملك قاعدتين عسكريتين في سوريا (حميميم الجوية وطرطوس البحرية)، وعدم التفريط في الملف السوري وتركه لتركيا، المتنفّذ الأكبر في الوقت الحالي. في المقابل، يسعى الشرع، الذي تلقّف دعوة فرنسا ولبّاها، إلى محاولة ترسيخ حكومته وتأكيد شرعيتها، وتوسيع قنوات التواصل مع المجتمع الأوروبي، بالإضافة إلى تجاوز الأزمات المتراكمة على إدارته على خلفية مجازر الساحل و الدروز وغيرها.
كان واضحا استباق وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، وصول الشرع بالتأكيد أن بلاده لن تقدّم "شيكاً على بياض" لسوريا، وستحكم على الأخيرة بناءً على أفعالها، في إشارة إلى السياسة التي أعلن الاتحاد الأوروبي انتهاجها حيال سوريا، بعد تجميد بعض العقوبات المفروضة على هذا البلد.
أيضا لم يحظَ الشرع، الذي رافقه رئيس جهاز الاستخبارات حسين سلامة، ووزير الخارجية أسعد الشيباني، ووزير الطوارئ والكوارث رائد الصالح - في أول مشاركة لوزير غير الشيباني في زيارات الرئيس الانتقالي الخارجية -، بالاستقبال البروتوكولي المعتاد الذي تلقى به باريس ضيوفها الزعماء، في دلالة على التزام الأخيرة بالنهج الأميركي غير المعترِف حتى الآن بحكومة الشرع، ومحاولة استثمار هذه الزيارة إلى أقصى حد ممكن من دون تقديم اعتراف كامل بتلك الحكومة.
وسبق الزيارة إعلان الإليزيه عن جملة من المواضيع الموضوعة على طاولة الحوار، وأبرزها العدالة الانتقالية، والحوار الوطني، والمسار السياسي الانتقالي، ومكافحة الإرهاب، واللاجئون والحدود مع لبنان، بالإضافة إلى العقوبات وإعادة الإعمار، ومعاقبة مرتكبي الجرائم الطائفية.
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بعد لقائه الشرع، أكد ان بلاده تدعم إعادة بناء سوريا في مرحلة ما بعد الأسد، مضيفاً أنه أخبر ضيفه بضرورة حماية كل السوريين وملاحقة المسؤولين عن أعمال العنف، مشدّداً على أنه "لا يمكن تجاهل موجة العنف الطائفي الجديدة في سوريا". وقال: "يجب ألّا يفلت من العقاب أي مسؤول عن المجازر في سوريا".
كما أعلن ماكرون أن بلاده مستعدّة لإطلاق مفاوضات بين سوريا ولبنان لترسيم الحدود. وتابع "(أنني) أكّدت للرئيس السوري أننا سنلاقيه في منتصف الطريق إذا واصل السير على نهجه"، مشيداً بالاتفاق الموقّع بين الإدارة الجديدة و"قوات سوريا الديمقراطية".
وحذّر من أن "داعش ما زال يشكّل تهديداً ونريد من سوريا مكافحة جميع الفصائل الإرهابية"، مضيفاً أن باريس ستعمل مع شركائها الأميركيين والأمم المتحدة من أجل دعم سوريا، معلناً عن وجود مساع "لرفع تدريجي لعقوبات الاتحاد الأوروبي عن سوريا والضغط على واشنطن لاتّباع المسار نفسه أيضاً"، وفق تعبيره.
بدوره، حاول الشرع التخفيف من حجم المجازر التي تمّ ارتكابها في الساحل السوري على خلفية طائفية، معتبراً أنه "جرى تضخيمها".
لكن الأهم هو تأكيد الشرع ما تمّ تسريبه سابقاً حول وجود مفاوضات مع إسرائيل بوساطة إماراتية، إذ أوضح أن "المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل هدفها التهدئة ووقف الانتهاكات الإسرائيلية (...) نتحدث مع كل الدول التي تتواصل مع إسرائيل للضغط عليها لوقف انتهاكاتها في سوريا"، وفق تعبيره.
ملف المقاتلين الأجانب في سوريا ، والذي تشترط واشنطن إبعادهم عن السلطة وطردهم لفتح علاقات مع دمشق، لم يغب، إذ قال الشرع إن إدارته قدّمت ضمانات لجميع الدول بأن "لمقاتلين الأجانب سيلتزمون بالقانون السوري وعدم الإضرار ببلادهم". وادّعى بأن "هؤلاء جاؤوا إلى سوريا فرادى لا جماعات دعماً للشعب السوري خلال الثورة"، مضيفاً أن الدستور السوري سيحدد حق من سيحصل على الجنسية من المقاتلين الأجانب وعائلاتهم.
يذكر أن الشرع ما يزال مدرجاً على قائمة العقوبات الخاصة بتنظيمي "داعش" والقاعدة الصادرة عن مجلس الأمن في 24 يوليو 2013 . وبالتالي مفروض عليه منع سفر وتجميد لأصوله، فرنسا "مدعومة بإجراءات من الأمم المتحدة أعطت الشرع استثناء ليتمكن من القدوم إلى باريس من دون اعتقاله".