مختصر مفيد
يتابع أكثر الناس مواقع التواصل الاجتماعي، لكنهم يفضلون أخبار الأكل والضحك، ولا يهتمون للأخبار والأحداث، التي فيها مصيرهم ومعيشتهم، ومصير دولتهم، وإن سألت أحدهم قال لك: لا أحب السياسة.
معنى كلمة "سياسة" باختصار شديد "أحوال البلد وعلاقاته مع الدول الأخرى"، لنضرب أمثلة.
الحوثيون في اليمن جماعة شعرت أنها مهمشة، لاتهتم بأحوالها الحكومة، فتسرعت وحملت السلاح بدعم من ايران، وأطاحت الحكومة الشرعية، التي انتقلت إلى عدن.
لقد أضروا ببلدهم، بل أضروا بمصر وشعبها، لأنهم هاجموا السفن في البحر الأحمر، فتعطل عبورها من خلال قناة السويس، وخسرت مصر عوائد مالية هائلة تقدر بنحو 800 مليون دولار شهريا، وارتفع التأمين على السلع فارتفعت الأسعار، وتضرر الناس هنا وهناك.
كذلك هاجمت بالأمس طائرات إسرائيلية واميركية ميناء الحديدة، حيث يتواجد الحوثيون ردا على استهدافهم اسرائيل بصواريخ من حين لآخر، وتهديدهم للملاحة الدولية في مضيق باب المندب.
وهكذا فإن الوضع الداخلي في هذا البلد أضر بشعب ذاك البلد، أو بشعوب البلدان الأخرى، وكان الأحرى بالناس متابعة الأحداث لأن فيها مصيرهم، ومستقبل أولادهم.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أشعل حرباً بغزوه شرق أوكرانيا، فقد كان شعبها يعيش بسلام وأمان، لكن بوتين أخذ يشكك بنوايا دول حلف الـ"ناتو"، وأنه أصبح يقترب من حدود روسيا الغربية بزيادة أعضائه، فشن حربا ضد أوكرانيا ليمنع تقدم دول الحلف تجاه روسيا، وليجعل اوكرانيا منطقة عازلة بين بلاده والاوروبيين، كان من نتائج الحرب خسائر وهلاك من الطرفين، وتفكيره ذاك جعل دولاً أوروبية أخرى تنضم للحلف، الذي أصبح قويا أكثر من ذي قبل، ولا يزال الأوكرانيون والروس يعانون من تلك الحرب.
تايوان، جزيرة مستقرة متقدمة اقتصاديا، لكن الصين مافتئت تهدد شعبها من حين إلى آخر بغزو الجزيرة، وضمها الى الصين، لذلك لايشعر سكان تايوان بالأمان.
هناك حرب أهلية في السودان، وقبل أيام حدث توتر وقصف مدفعي بين الهند وباكستان بعد مقتل هنود في كشمير، وتهديد الأولى للثانية بالانتقام، وإسرائيل تقر خطة السيطرة على كامل غزة، واحتلال أراضيها.
ومن بين الأمثلة على أهمية الأخبار السياسية، حال الأفارقة في دول غرب إفريقيا، فقد تدهورت أحوالهم الداخلية بسبب الجفاف والفقر وانعدام الأمن، ووجود الجماعات الإسلامية الإرهابية، ما جعل الكثير منهم يرحل الى المغرب وتونس وليبيا، ومن هناك يدفعون المال لأشخاص، يعملون بالتهريب، لنقلهم عبر قوارب باتجاه سواحل أوروبا للبحث عن حياة أفضل، وفي البحر يحدث ان ينقلب القارب، ويموت الكثيرون.
وما أن تولى الرئيس الاميركي دونالد ترامب منصبه حتى رأيناه يتبنى نظرية "الرئيس المجنون"، ومفادها انه من خلال التصرف بطريقة متشنجة، يمكن لرئيس الدولة تخويف المعارضين ودفعهم إلى التنازل، أي تخويف الدول الأخرى لتحقيق مكاسب، فقد هدد بفرض الرسوم الجمركية على دول العالم، وبضم كندا كولاية أميركية، وشراء جزيرة غرينلاند، وكانت النتيجة اضطرب الاقتصاد الدولي، وحدثت خسائر لدول وشركات، وتضرر الاميركيون من سياساته، فتردت شعبيته، نكتفي لضيق البراح.
الصحافة لها رسالة من شأنها ان تؤثر على صاحب القرار السياسي، إذ تكشف بؤر الخلل والفساد في المجتمع، ويقول لك: ما أحب السياسة، يعني متابعة الأكلات عنده على مواقع التواصل الاجتماعي، أهم من أوضاعه المعيشية، واستقرار أمن بلاده؟
[email protected]