تُعد العلاقات بين دولة الكويت وجمهورية بولندا واحدة من أنجح نماذج التعاون الدولي القائم على أسس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.
ومع حلول عام 2025، تحتفل الدولتان بمرور أكثر من ستين عاما على إقامة العلاقات الديبلوماسية، التي بدأت في عام 1963، لتكون بولندا أول دولة في أوروبا، الوسطى والشرقية، تؤسس علاقات رسمية مع الكويت.
وشهد التبادل التجاري بينهما قفزات نوعية خلال السنوات الأخيرة، فقد بلغ حجمه في عام 2023 نحو 430 مليون دولار أميركي، في مؤشر واضح على تطور العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
وتعد بولندا من أبرز الشركاء التجاريين للكويت في أوروبا، خصوصاً في مجالات الزراعة والصناعات الغذائية، ما يسهم في دعم الأمن الغذائي الكويتي.
وفي خطوة تعكس عمق التعاون الستراتيجي، وقعت في سبتمبر 2023 مذكرة تفاهم حول التعاون الدفاعي مع الكويت في مجال التدريب، وبما أن الكويت وبولندا تعدان حليفين للولايات المتحدة، فهما وعن طريق دعم العلاقات الثنائية، تتم مناقشة الأوضاع في المنطقة، وبخاصة على الصعيدين السوري والفلسطيني، إذ إن التنسيق الثنائي بينهما في المحافل الدولية جيد جدا، ويتبادل الطرفان الدعم في المحافل الدولية، وتجمعهما وجهات نظر متقاربة حيال القضايا ذات الاهتمام المشترك، والمحافظة على السلام والأمن الدوليين.
وفي تصريح خاص قال سفير جمهورية بولندا لدى الكويت السيد ميشال جوليوا: "إن العلاقات البولندية – الكويتية تعكس نموذجاً مميزاً للتفاهم والتعاون المستمر، ونحن فخورون بما تحقق خلال العقود الستة الماضية. نطمح في المرحلة المقبلة إلى تعميق التعاون في مجالات التكنولوجيا الخضراء والتعليم العالي، وتعزيز الاستثمار المتبادل لما فيه خير الشعبين الصديقين".
على الصعيد الثقافي، تُعد البعثة الأثرية الكويتية-البولندية المشتركة نموذجاً مميزاً للتعاون العلمي، حيث تعمل منذ أكثر من عقدين في مواقع مثل الصبية وجزيرة فيلكا، كما تستقبل الجامعات البولندية العشرات من الطلبة الكويتيين في تخصصات مختلفة، أبرزها العلوم البحرية، إذ يتلقى نحو 100 طالب كويتي تدريبات عسكرية متقدمة في المؤسسات التعليمية البولندية. كما شهد قطاع السياحة بين البلدين انتعاشاً ملحوظاً بعد إطلاق رحلات طيران مباشرة بين الكويت ومدينة كراكوف البولندية، ما سهّل حركة السياحة وزاد من إقبال الكويتيين على بولندا كوجهة أوروبية مميزة بطبيعتها وثقافتها الغنية.
يتزامن التطور في العلاقات مع رئاسة بولندا للاتحاد الأوروبي، ورئاسة الكويت لـ"مجلس التعاون" الخليجي، ما يفتح المجال أمام مزيد من التنسيق السياسي والتكامل، الاقتصادي والثقافي، بين دول المنطقتين. ومن المنتظر أن تُترجم هذه المرحلة إلى مشاريع ومبادرات مشتركة على مستوى إقليمي ودولي.
أثبتت العلاقات الكويتية-البولندية على مدار ستة عقود أنها شراكة قائمة على الثقة والتكامل، وماضية بثبات نحو مزيد من التعاون في مختلف المجالات، بما يخدم تطلعات البلدين وشعبيهما، ومع ما تحمله المرحلة المقبلة من فرص، تبقى هذه العلاقة نموذجا يحتذى به في الساحة الدولية.
كاتب مصري