حوارات
"وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا" (الفرقان 63).
أعتقد أنّ الانسان المتعلّم، أو طالب العلم، أو العالم، يُفترض أن يزيده علمه تواضعاً، وأنّه كلما صدق المرء في سعيه للتزوّد بالعلم، كلما غابت عن شخصيته صفات التكبّر.
ومن بعض سمات الفرد الذي استفاد، قولاً وفعلاً، من علمه وأصبح أكثر تواضعاً، نذكر ما يلي:
-السعي وراء الحكمة: يسعى المتعلّم، أو العالم، الى اكتساب أكبر قدر من الحكمة، وذلك بسبب إدراكه أنها تمثّل البوصلة، الفكريّة والأخلاقية والنفسية، التي تدلّه على الصواب، وتعينه على التفريق بين الحقّ وبين الباطل، والحكمة وفقاً لأحد المصادر: هي معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم.
-معرفة الدنيا على حقيقتها: يزيد تواضع العالم، أو المتعلّم، كلما زاد علمه، لا سيما كلما زادت معرفته بحقائق الدنيا، وكلما عرف سيناريوهاتها المتكرّرة، واكتشف قوانينها، وكشف عن أسرارها، خصوصاً في ما يرتبط بالطرق المناسبة لعيشها بشكل معتدل، ودرء مخاطرها، والاستفادة من دروسها المتكرّرة.
-العلم والمناعة ضدّ التفكير العاطفي: كلما زاد علم الانسان زادت مناعته ضدّ الانغماس السلبي في التفكير العاطفي، ومال أكثر الى التفكير الموضوعي، فالتكبّر والتعظّم والاعجاب المفرط بالنفس، والانفصال عن الواقع، هي نتائج رئيسة لاتّباع التفكير العاطفي بشكل مفرط.
-التعلّم لا يتوقّف: التعلّم ومعرفة الأمور والأشياء عملية مستمرة لا تتوقّف بالنسبة للإنسان المتعلّم، أو العالم، وهي بشكل أدقّ، عملية تستمر من المهد الى اللحد، ولا يملّ المتعلّم من التعلّم، بل يزداد شغفاً به كلما زاد علمه، وكلما زادت رغبة الانسان في التعلّم واكتساب العلم، زاد تواضعه بسبب إدراكه للحقيقة الكونية التالية "وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا" (الإسراء 85).
-معرفة الناس على حقيقتهم: يزيد تواضع المتعلّم، أو العالم، كلما قرأ عن الشخصية الإنسانية، وسلوكيّاتها الاعتيادية، والاستثنائية، وعرف كيف يفكّر أغلبية الأفراد المحيطين به تجاه أنفسهم، وتجاه الآخرين، وما يزيده تواضعاً في هذا السياق هو إدراكه أنّ مداراة الناس أفضل كثيراً من التكبّر عليهم، أو معاداتهم لأسباب نرجسية تافهة.
كاتب كويتي
DrAljenfawi@