مواقف حرجة وردود ذكية

ولنا رأي

القدرة على الرد في المواقف الصعبة، والمحرجة، وحسن التأدب فيها، يحتاجان إلى شخصية محنكة، وذات فطنة وذكاء شديد، وسرعة بديهة. كما يحتاجان الى حسن الأدب، والتأدب في الرد، خصوصا إذا كان القول من الحكام، وعلية القوم، أو من كبار السن، أو أن الموقف نفسه يحتاج إلى الحيطة والحذر في الرد، في بيئة مختلفة اجتماعياً، أو قانونياً.

أو أن يكون الرد على القول في بيئة خطرة، أو تشكل خطورة، في حالة استثارة القائل عند الرد عليه، وإلا كان الصمت، والتغاضي، والابتعاد هو الحل الأمثل لتفادي الاحراج، وسوء النتائج. ومن المواقف الصعبة، والمحرجة لأحد وجهاء الكويت، ورجالاتها، وكان شخصا ذكيا وقياديا، ونقابيا ومن المحسنين، أنه كان في زيارة عمل لبريطانيا، وكان ذلك في فصل الصيف، واثناء وقوفه في ممر المشاة بانتظار الإشارة الخضراء، تواجدت إلى جانبه عجوز بريطانية شمطاء، ومتنمرة، ونظرت إليه بشزر، وهي متأففة وسألته من أي بلد انت، فرد عليها بكل أدب: "أنا من الكويت، من الخليج"، فردت عليه بغضب أتيتم بالحر معكم، فرد عليها بكل تأنٍ، وأدب، وحكمة، وأنتم استعمرتم المنطقة لأكثر من خمسين سنة، ولم تأتوا بالبرد إلينا.

هنا ضحكت العجوز، وأدركت انها أمام رجل حكيم، ورد ذكي، وتأسفت منه وتابعت طريقها.

ومن المواقف الصعبة، والردود الذكية أن الخليفة سليمان بن عبد الملك بن مروان سأل أحد عمال الحجاج بن يوسف الثقفي، وأسمه يزيد بن مسلمة، بعد أن تولى الخلافة بعد أخيه الوليد، وبعد جده عبد الملك بن مروان: هل ترى أن الحجاج في الدرك الأسفل من النار حاليا؟

فرد عليه" هو بين أخيك الوليد وجدك عبد الملك، فانظر ماذا ترى.

ويقصد أن من ولى الحجاج على العراق هو جده الخليفة عبد الملك، وأقره بعد ذلك أخوه الوليد بن عبد الملك، فصمت الخليفة سليمان بن عبد الملك، ولم يعلق.

ومن المواقف الصعبة، والردود الذكية أن الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز كان يطوف يوماً في السوق فمازحه أحد المارة في الطريق، فدفعه الشخص، وكان مستعجلاً قائلاً للخليفة عمر بن عبد العزيز: هل أنت أعمى؟

فحاول أحد الحراس ضرب الرجل، فأشار إليه عمر بن عبد العزيز بالتأني، ورد على الرجل: لا أنا لست أعمى، وعندما رجع الخليفة الى القصر، قال الحارس: يا سيدي لماذا لم تأذن لي بضرب الرجل الذي تطاول عليك بالقول؟

فقال عمر سألني: هل أنت أعمى؟ فرددت عليه بقولي: لا، وهذا جواب سؤاله.

وعندما سأل الدكتور صالح العجيري الفلكي الكويتي المعروف عن شدة برودة الكويت في الشتاء قياسا على دول المنطقة، قال إن ذلك بسبب ممر هوائي يأتي من سيبيريا، فرد عليه أحد الحضور ليحرجه، وأين هذا الممر لا يأتينا بالصيف حيث شدة الحر، فرد عليه الدكتور صالح العجيري بسرعة بديهة: أن ذلك بسبب الممر الهوائي، والمنخفض الهندي الحار الذي يمنع الهواء البارد، ويسبب شدة الحر في الكويت. ومن الردود الذكية في المواقف الصعبة، رد الملك فيصل بن عبد العزيز، وكان شابا يافعا على وزير خارجية بريطانيا، ابان زيارة الملك فيصل لبريطانيا، وكان الجميع على طاولة الطعام فسأله وزير الخارجية عن الأوضاع السياسية في السعودية، فرد الملك أنه يعرف أن الانكليز لا يتعاطون السياسة، وهم على طاولة الطعام، فأحرج بذلك وزير الخارجية البريطاني، فضحك جميع الحضور واستحسنوا رد الملك فيصل.

دكتور في القانون ومحام كويتي

[email protected]