الخميس 15 مايو 2025
32°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الرئيس ترامب أمعن النظر  في ما يحدث لعرب الشرق الأوسط
play icon
الافتتاحية

الرئيس ترامب أمعن النظر في ما يحدث لعرب الشرق الأوسط

Time
الثلاثاء 13 مايو 2025
View
7340
أحمد الجارالله

سيد دونالد ترامب، مرحباً بك في عاصمة القرار الخليجي والعربي الرياض.

أنت اليوم في منطقة تعرف تماماً ماذا عانت منذ العام 1917، وتقسيمها بين بريطانيا وفرنسا، وماذا فعل ذلك بشعوب المنطقة، وجاءت الدولة اليهودية لتزيد الطين بلة، فيما كانت القضية الفلسطينية "قميص عثمان" لبعض القوى الساعية إلى الانقلاب على الحكم في بلادها، فبدأ الإقليم، ومنذ العام 1952، يدخل جحيم ما يسمى ثورات كانت فاشلة بكل المقاييس، بدءاً من مصر وصولاً إلى بعض الدول العربية، وبسعي من الاتحاد السوفياتي، آنذاك، الباحث عن موطئ قدم لما كان يطلق عليه "المياه الدافئة".

طبعاً كان هدف السوفيات نشر الأيديولوجية الشيوعية، في الظاهر، أما في السر فخدمة مصالح موسكو، ومحاولة انتصارها في الحرب الباردة، بينما كان يسيء العرب اغتنام الفرص المتاحة لديهم في تحسين أوضاعهم، منذ قرار التقسيم عام 1947، وقد ذهب بعضهم إلى التمثل بحركة التأميم التي سادت دول الكتلة الاشتراكية، غير مدرك أن ذلك سيجر على بلاده حرباً كبيرة لا قبل له بها.

لهذا، كانت خطوة جمال عبدالناصر عام 1956 ناقصة، بل دفعت ثلاث دول، وهي بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، إلى غزو مصر، حين لم يدعمه الحليف السوفياتي، بينما كان في البيت الأبيض الأميركي رجل حكيم، اسمه أيزنهاور أخذ بنصيحة وزير خارجيته دالاس بأنها الفرصة المناسبة كي يكون الوجود الأميركي في المنطقة أكثر قوة، وصد محاولات موسكو في الشرق الأوسط، لهذا أمر بوقف الحرب فوراً، وإلا تدخلت الولايات المتحدة، وهو ما أنقذ مصر حينها من الانهيار، ونتيجة ذلك سقط رئيس الوزراء البريطاني أنتوني إيدن، والرئيس الفرنسي جاي موليه.

هذا جعل القوة الأميركية تظهر بوضوح، وأدركت إسرائيل منذ ذلك الحين أن أوراق اللعبة بيد واشنطن، في وقت كانت تستخدم القوة المالية والنفوذ السياسي اليهودي لخدمتها، بدءاً من السينما والصحافة وصولاً إلى المؤسسات المالية والاقتصاد وانتهاء بالمؤسسات السياسية.

بينما العرب، في المقابل، لم يستغلوا كل الإمكانات التي لديهم في التأثير على قرار أي من الدول العظمى، بما فيها الولايات المتحدة التي كان هدفها منذ العام 1953 جعل منطقة الشرق الأوسط، خصوصاً العربية منها، منصة صناعية وخدماتية لها، وضمان استقرار تصدير النفط.

قبل العام 1967 كانت هناك إمكانية للعرب، وما سمي "النكسة"، الذهاب إلى طاولة المفاوضات وتحقيق مكاسب، لو كانوا استمعوا إلى الحبيب بورقيبة، لكن بدلاً من ذلك رفع عبدالناصر شعار "رمي اليهود في البحر"، فجاءت حرب الأيام الستة لتهدم كل الأحلام غير الواقعية، بينما كان السوفيات يقبعون على ضفة نهر الانتظار كي يأتي النصر إليهم من خلال احتياج العرب إلى السلاح والدعم، وهو كمن ينتظر السراب.

فخامة الرئيس الأميركي..

كانت هناك مبادرات عدة بدءاً من وزير الخارجية الأميركي روجرز عام 1970، مرورا بمبادرة الملك فهد في قمة فاس العربية، أو ما سمي حينها "مشروع الملك فهد بن عبدالعزيز حول السلام في الشرق الأوسط"، وصولاً إلى مبادرة الملك عبدالله في قمة بيروت، وكلها دعت إلى السلام مع إسرائيل التي كانت ترفضها بشكل استفزازي، لأنها رأت أن العرب ليس لديهم ما يقدمونه إليها، وكانت كذلك تعمل بعقيدة ليفي اشكول "سنضطر كل عشر سنوات إلى القتال من أجل أن يتخلى العرب عن الأرض التي يطالبون بها، ويطالبون بأراضٍ جديدة نحتلها".

هذا المبدأ سارت عليه كل الحكومات الإسرائيلية، بينما في المقابل كان العرب، خصوصاً قادة المنظمات والحركات الراديكالية المأخوذة بالعقيدة الشيوعية والقومية، وأصحاب الرؤوس الحامية، لا يزالون عند شعار "رمي اليهود في البحر"، فلا هم استطاعوا تحقيقه، ولا صدوا إسرائيل عن الاستمرار في التوسع، حتى جاء السابع من أكتوبر، وأكمل الكارثة على ما بقي من آمال ظهرت بوادرها في "اتفاقات ابراهام" التي أسست لحل الدولتين.

لكن كالعادة، العرب كلٌ له رأيه، لهذا فهناك 21 رأياً، ولكل منه دوافعه ومصالحه، ولهذا إلى اليوم لم يتفقوا على موقف منذ العام 1948، ولم يستخدموا قوتهم، التي وظفوها لمحاربة بعضهم بعضاً.

السيد الرئيس..

في زيارتك الأولى إلى المنطقة، وتحديداً إلى الرياض، انتهت إلى عقد صفقات سياسية واستثمارية مهمة، وأسست لمبدأ حل الدولتين من خلال رعاية واشنطن "اتفاقات ابراهام"، وأما العقود الاستثمارية فكانت الحصيلة 460 مليار دولار لم ينفذ منها إلا 13 مليارا أسلحة، لأن إدارة بايدن عملت على محاولة عرقلة التطور في العلاقات بين الخليج والولايات المتحدة، وعطلت تلك الاستثمارات، وهذا ساعد على توتر العلاقة بين واشنطن والعواصم الخليجية.

اليوم، وفخامتك في عاصمة القرار العربي، واجتماعاتك مع قادة المنطقة سيكون لديك الكثير من الملاحظات، ولا بد من قرارات تنصف القضية الفلسطينية وتخرجها من "بازار" المتاجرة، وكذلك تلجم تل أبيب التي وصفت حربها في تصريح لك بـ"المتوحشة"، وأن تعمل على تحقيق مشروع العام 1953.

سيادة الرئيس..

كما يفهم من تصريحات فخامتكم أنكم تسعون إلى السلام في العالم، وأن يكون الشرق الأوسط خالياً من الأزمات، لهذا فإن الآمال معقودة على نتائج القمم، وأن تعبر فخامتكم عمّا تسعى إليه من "صفر مشكلات" في الإقليم.

  • أحمد الجارالله
آخر الأخبار