الأربعاء 21 مايو 2025
39°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الشورى الوجه المشرق للأمة
play icon
كل الآراء

الشورى الوجه المشرق للأمة

Time
الاثنين 19 مايو 2025
View
20
د. حمود الحطاب
شفافيات

أصيبت الشورى في اول عهدها بشبهة عظيمة بعد هزيمة المسلمين في غزوة أحد؛ فلقد شاور الرسول (صلى الله عليه وسلم) قواعد المجتمع، من الشيب والشباب، في افضل طريقة حربية يتبعونها لصد هجوم المشركين عليهم اثناء تحرك جحافل قريش، ومن يتبعها لغزو المدينة، ورد الثأر من هزيمة معركة بدر الكبرى.

وكان الوقت قصيراً لتدارس الامور بالشورى كما ترون؛ وكان يتوقع ان يكون قرارا حاسما من القائد، وهو الرسول هنا باتخاذ ما يراه مناسبا للدفاع عن المدينة من هجوم وشيك جدا عليها؛ لكن ذلك كله لم يكن ولم يحدث؛ وهو أمر مدهش جداً ويثير العجب.

وعند استشارة اطراف ومكونات المجتمع المهمة رأى الخبراء والوجهاء وكبار السن القتال من داخل بيوت المدينة كحصون حربية جاهزة، ولما في ذلك من ميزات قتالية، مثل التموين الحربي؛ ومساعدة النساء لازواجهن من داخل البيوت بالاكل والشرب اثناء المعركة، ومناولتهم العدد الحربية، وغير ذلك ولوجود خبرات سابقة في هذا الشأن في الدفاع عن المدينة المنورة بهذا الاسلوب.

لكن شباب المدينة المتحمسون للحرب ضد كفار قريش كانت لهم وجهة نظر مخالفة لمن قلنا؛ فكانوا يرون الخروج للمواجهة دفعا عن شبهة الخوف، التي كان يتوقع أن تلحق باهل الاسلام، ربما ونحو ذلك؛ وقد مال النبي إلى رأي الشباب؛ ولبس لامةَ الحرب؛ بمعنى اتخذ قرار الحرب خارج بيوت المدينة تبعا لمشورة الشباب، وخلافا لرأي كبار السن وقيادات أخرى؛وكانت اول اصابة سلبية للشورى، واول شبهة سلبية لحقت بها هي انتكاس ثلث الجيش المدافع عن المدينة بقيادة المنافقين وخروجهم من الحرب، وعودتهم للمدينة ثانية لانه لم يؤخذ برأيهم كما زعموا.

وهذه شبهة خطيرة لحقت بالشورى في اولها؛ ثم كانت الهزيمة للمسلمين في احد ولاسباب عديدة، منها ان رماة الاسهم والحراب لم يلتزموا بالخطة القتالية عند جبل احد؛ فتركوا مواقعهم الستراتيجية على جبل الرماة؛ ونزلوا لجمع الغنائم عندما لاحت لهم بشاير النصر، وعلامات انهزام قريش؛ فانتهز خالد بن الوليد هذه الثغرة الخطيرة فهاجم المسلمين، واوقع الهزيمة بهم.

وكادت الشورى في نظر المتشائمين أن تعني عدم احترام رأي الخبراء والكبار، ولو التزم الشباب بخبرة الكبار، ولم يشاوروا لما تراجع ثلث الجيش المدافع عن المدينة كما سيقال؛ ولما حصلت الهزيمة.

لكن الله سبحانه قطع الطريق على المشككين بالشورى في اي زمان ومكان في السلم والحرب، واقرها مبدأ واتجاها وقاعدة بقوله تعالى: "فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك؛ فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله؛ إن الله يحب المتوكلين".

وهذه الاية ثابتة في القرآن الكريم، ولم تنسخ؛ وقد اكدت الشورى مبدأ، رغم ما يحدث من نتائج سلبية مهما كانت، وعدم الاعتبار ببعض الحوادث السلبية التي وقعت، او ستقع لاسباب اخرى، ومنها مثلا: عدم الانضباط في العمل؛ فليس ذلك داع وسبب في التنازل عن مبدأ الشورى، الذي لا تستقيم من غيره حضارة انسانية؛ ففيها احترام العقول متعددة الخبرات، وفيها مودة ورحمة، وانس وحسن اجتماع.

وبعدما قد يكون الجفاء والغلظة، "ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك"،وللشورى طرق عديدة في تنفيذها. وللحديث بقية مهمة إن شاء الله.

كاتب كويتي

آخر الأخبار