الأربعاء 21 مايو 2025
41°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
برنيسكي لـ'السياسة': عدم وجود كليات للزراعة في الكويت 'عائق كبير'
play icon
د.غازي برنيسكي
المحلية

برنيسكي لـ"السياسة": عدم وجود كليات للزراعة في الكويت "عائق كبير"

Time
الاثنين 19 مايو 2025
View
50
فارس غالب
أكد أن جامعة "بوردو" الأميركية ترغب في التعاون مع جامعة الكويت لتأسيسها
الكويت تسير بخطى جيدة فيما يتعلق بضمان سلامة الأغذية التي تصل إلى مواطنيها أو الزوار

فارس غالب

في إطار مشاركته في "القمة الخليجية للتغذية وسلامة الغذاء"، التقت "السياسة" بمساعد المدير التنفيذي في مركز الأمن الغذائي العالمي بجامعة بوردو وأحد المتخصصين في تقنيات الزراعة الذكية وسلاسل الإمداد الغذائي المستدامة د.غاري برنيسكي، الذي تحدث معنا حول أهداف زيارته، وتقييمه لتجربة الكويت، وفرص الشراكة المستقبلية، وأبرز التحديات التي تواجه المنطقة في ملف الغذاء والماء وهدر الطعام.

وأكد برنيسكي، أن الكويت قطعت شوطاً مهماً في مجال سلامة الغذاء، واشاد بالتقدم المؤسسي والبحثي الذي يشهده القطاع، لافتا في الوقت ذاته إلى وجود فرص كبيرة لتعزيز كفاءة الإنتاج الزراعي المحلي عبر التقنيات الحديثة والبيئة المُتحكم بها.

وشدد على أهمية معالجة هدر الطعام في المجتمع الكويتي، واشار إلى أن الجزء الأكبر من الفاقد الغذائي يحدث في مستوى المستهلك، سواء في البيوت أو المطاعم، داعياً إلى وضع سياسات تستند إلى بيانات دقيقة لجمعها وتحليلها، ومن ثم بناء خطط مدروسة للحد من هذه الظاهرة. وقال: إن جامعة بوردو الأميركية، التي يعمل ضمن طاقمها الأكاديمي، تتطلع إلى عقد شراكات فاعلة مع المؤسسات الكويتية، وعلى رأسها معهد الكويت للأبحاث العلمية، مشيراً إلى أن هناك محادثات جدية جرت خلال زيارته لتأسيس مشاريع بحثية في الزراعة الذكية باستخدام الذكاء الاصطناعي، والاستشعار، والتحكم الدقيق.

وأضاف: إن أحد أبرز التحديات التي رصدها خلال زيارته غياب التخصصات الأكاديمية الزراعية في الجامعات الكويتية، مبيناً أن تطوير قطاع الزراعة لا يمكن أن يتم دون بناء كفاءات وطنية مدربة عبر برامج أكاديمية محلية تواكب طبيعة البيئة الكويتية.

واختتم برنيسكي بالإشارة إلى أن الكويت، رغم التحديات المناخية القاسية، تمتلك فرصاً حقيقية لتطوير الزراعة الرأسية والذكية، لا سيما مع توفر الضوء الطبيعي طوال العام، لكنه لفت إلى أن تحسين كفاءة استخدام المياه يجب أن يكون أولوية عاجلة، مؤكداً أن التقنيات الحديثة متاحة ويمكن تطبيقها فوراً لزيادة الإنتاج وتقليل الفاقد، وفيما يلي تفاصيل الحوار:

 

  • هناك تقدم ملحوظ في البحث العلمي وفرص مهمة لزيادة كفاءة الإنتاج الزراعي
  • الكويت تمتلك موارد كبيرة ومؤسسات قوية ومجهزة بشكل أفضل للتعامل مع قضايا التغذية
  • البنية المؤسسية في الكويت متماسكة وتغطي مراحل مختلفة من سلسلة الغذاء
  • مهتمون جداً بتوقيع اتفاقيات مع معهد الأبحاث وأجرينا محادثات بناءة للغاية
  • الكويت تواجه ظروفاً مناخية قاسية وعليها تحسين كفاءة استخدام المياه
  • توافر الضوء يجعل الزراعة الرأسية أكثر كفاءة والمشكلة في استهلاك المياه

 

ما الهدف الرئيسي من زيارتكم إلى الكويت؟

الهدف الأساسي هو المشاركة في القمة الخليجية للتغذية وسلامة الغذاء، اذ قدمت عرضاً علمياً وشاركت في النقاشات مع الخبراء والمختصين، إلى جانب ذلك، أنا مهتم بالتواصل مع العلماء والمنتجين في مجال الغذاء هنا في الكويت، بهدف استكشاف فرص التعاون المشترك، فجامعتنا ـ جامعة بوردو ـ تعمل بشكل وثيق مع القطاع الخاص، ومع الجهات الحكومية، والجامعات ومراكز الأبحاث، ونرغب بتوسيع هذه الشراكات لتشمل مؤسسات كويتية تعمل ضمن سلسلة الإمداد الغذائي، سواء في الإنتاج أو السلامة الغذائية أو البحوث الزراعية، فجزء مهم من زيارتي هو استكشاف إمكانية عقد شراكات ستراتيجية في هذه المجالات.

ما ملاحظاتكم على استعدادات الكويت لمواجهة تحديات سلامة الغذاء؟

أعتقد أن الكويت تسير بخطى جيدة فيما يتعلق بضمان سلامة الأغذية التي تصل إلى أراضيها، سواء للمواطنين أو للزوار، هناك تقدم ملحوظ في البحث العلمي والإنتاج الغذائي، كما أرى أن هناك فرصاً مهمة لزيادة كفاءة الإنتاج الزراعي، خصوصاً في البيئات الزراعية المُتحكم بها، هذه البيئات، مثل البيوت المحمية، تحتاج لتطوير من حيث الكفاءة والربحية، وهناك مجالات واعدة لتحسين التكنولوجيا المستخدمة وجعل هذه المنشآت أكثر فعالية وجدوى اقتصادية.

الكويت في موقع متميز

كيف تُقيّم التجربة الكويتية في مجال سلامة الغذاء مقارنةً بأميركا اللاتينية وأفريقيا؟

من الواضح أن الكويت أكثر تقدماً من العديد من الدول في أميركا اللاتينية وأفريقيا فيما يتعلق بسلامة الغذاء، و تمتلك موارد كبيرة، وسكاناً متعلمين، ومؤسسات قوية ومجهزة بشكل أفضل للتعامل مع قضايا التغذية وسلامة الغذاء.، فالبنية المؤسسية هنا متماسكة، وتغطي مراحل مختلفة من سلسلة الغذاء، بدءاً من الاستيراد، إلى التصنيع المحلي، وانتهاءً بالتوعية الغذائية. وهذا يضع الكويت في موقع متميز على مستوى المنطقة.

هل هناك نية لتوقيع اتفاقيات أو مذكرات تفاهم بين جامعتكم والجهات الكويتية؟

نعم، بالتأكيد، نحن مهتمون جداً بتوقيع اتفاقيات مع معهد الكويت للأبحاث العلمية، زرناه، وكانت لنا محادثات بناءة للغاية، في جامعة بوردو، نتميز في مجالات العلوم، والتكنولوجيا، والهندسة، والرياضيات (STEM)، ولدينا أبحاث متقدمة تركز على تحسين كفاءة الإنتاج الزراعي داخل البيئات المُتحكم بها، وخصوصاً في زراعة الخضراوات، من خلال تقليل استخدام المياه والأسمدة، وزيادة الإنتاج باستخدام تقنيات الاستشعار، والكاميرات، والتعلم الآلي، والذكاء الاصطناعي.

كما ناقشنا إمكانية إجراء بحوث مشتركة بيننا وبين معهد الكويت للأبحاث العلمية، وهناك أيضاً احتمالية للتعاون مع القطاع الخاص، نحن نُجري العديد من الشراكات بين القطاعين العام والخاص، لبحث الاختناقات التي تعاني منها سلاسل الإنتاج والمعالجة، والمساهمة في بناء القدرات البشرية، إلى جانب إجراء بحوث علمية مشتركة، كما التقينا باتحاد منتجي الأغذية في الكويت، الذي يضم 90% من المعالِجين والمُنتجين المحليين، وتحدثنا عن أبرز التحديات التي يواجهونها، وفرص استخدام العلم لزيادة الكفاءة والإنتاجية والربحية في هذا القطاع الحيوي.

برنيسكي لـ'السياسة': عدم وجود كليات للزراعة في الكويت 'عائق كبير'
play icon
د.غازي برنيسكي متحدثاً إلى الزميل فارس غالب (تصوير - محمد مرسي)

أزمة "كورونا"

ما العوامل التي تحدد نجاح ستراتيجية الأمن الغذائي الوطني؟

قياس النجاح يعتمد على وجود منظومة دقيقة للرصد والتقييم، لا بد من وجود مؤشرات أداء واضحة، تُقاس بشكل دوري – بعضها أسبوعي أو شهري، لكن معظمها سنوي، ومن الضروري أن نُحسن من نظم جمع البيانات وتحليلها، أحد أوجه الضعف التي لاحظناها في دول الخليج هو غياب قاعدة بيانات دقيقة وشاملة، نحتاج لجمع معلومات حول استهلاك الأغذية المغذية، والفاقد من الأغذية، ومعرفة حجم الهدر، وأين يحدث، وماذا يُفعل بالطعام الذي يُهدر، وهل يُعاد تدويره، أم يُستخدم كطاقة أو كعلف أو سماد، وهذه المعلومات يجب أن تُجمع بالتعاون مع القطاع الخاص، وتُشارك مع الجامعات لتحليلها، وبناء سياسات علمية مدروسة انطلاقاً من هذه التحليلات.

كيف يمكن للكويت حماية أمنها الغذائي في ظل التقلبات الجيوسياسية؟

سؤال مهم، لحماية أمنها الغذائي، تحتاج الكويت إلى القدرة على التكيف والتبديل بين مصادر التوريد، خذ مثالاً أزمة كورونا عندما أوقفت الهند تصدير الذرة، وهي مكون أساسي في إنتاج الأعلاف بالكويت، فاضطرت الكويت إلى التحول إلى استيراد الذرة من الولايات المتحدة، وهذا مثال عملي على أهمية وجود علاقات ديبلوماسية وتجارية قوية مع عدة دول، لضمان عدم تأثر سلسلة الإمداد عند حدوث أزمات، الحل الآخر هو تعزيز الإنتاج المحلي، بحيث تنتج الكويت جزءاً أكبر من غذائها، ما يقلل من اعتمادها على الاستيراد ويحميها من التأثيرات الجيوسياسية الخارجية.

ما الحلول العملية لمشكلة ندرة المياه في الزراعة بالكويت؟

70 % من المياه العذبة في العالم تُستخدم في الزراعة، والكويت تواجه ظروفاً مناخية قاسية، لذلك، الحل يكمن في تحسين كفاءة استخدام المياه داخل البيئات الزراعية المُتحكم بها، نحن نُجري أبحاثاً تهدف إلى تقليل استهلاك المياه داخل البيوت المحمية، باستخدام تقنيات الاستشعار والكاميرات والتعلم الآلي للتحكم في الري بدقة، ما يؤدي إلى استهلاك أقل ومردود أعلى، هناك أيضاً أبحاث في التقاط مياه الندى، وتحلية المياه بكفاءة أعلى، واستخدام الرطوبة الجوية، لكن هذه التقنيات لا تزال تحتاج إلى استثمارات كبيرة، والحل الأسرع والأكثر فاعلية الآن تحسين كفاءة استخدام المياه في الزراعة.

الزراعة الرأسية

هل تعتقد أن هناك مستقبلا للزراعة الذكية أو الرأسية في الكويت؟

بالتأكيد، الكويت تتمتع بميزة كبيرة وهي توفر ضوء الشمس طوال العام، في الدول الشمالية، كأوروبا وأميركا، تكون الزراعة الرأسية محدودة بسبب قصر النهار في الشتاء واعتمادها الكبير على الإضاءة الصناعية، التي تستهلك طاقة كبيرة. أما في الكويت، فإن توفر الضوء يجعل الزراعة الرأسية أكثر كفاءة، المشكلة الوحيدة حالياً أن هذا النوع من الزراعة يستهلك الكثير من المياه بسبب نظام التنقيط، لكن يمكن تحسين هذه الأنظمة وزيادة كفاءتها.

كيف يمكننا تطوير برامج تدريب وتعليم لإعداد كفاءات وطنية في مجال الزراعة والأمن الغذائي؟

المشكلة الأساسية أن الجامعات في الكويت لا تملك كليات زراعة أو أقسام للأغذية أو المحاصيل، وهذا يشكّل عائقاً كبيراً، من المهم تأسيس برامج تعليمية داخل الكويت تركز على الزراعة والبحوث الزراعية، بدلاً من إرسال الطلاب إلى الخارج لتعلم تقنيات لا تناسب البيئة المحلية، نحن في بوردو نرغب بالتعاون مع جامعة الكويت لتأسيس قسم أو كلية زراعة، نحتاج لمؤسسات تُنتج علماء ومهندسين كويتيين، يجمعون بين العلم والمعرفة المحلية، ويقدمون حلولاً تتناسب مع واقع الكويت الزراعي.

مزارع الوفرة والعبدلي

هل زرتم مزارع في الكويت مثل الوفرة أو العبدلي؟

للأسف، لم تتح لي الفرصة الكافية لزيارة مزارع في المناطق الزراعية مثل الوفرة أو العبدلي، المعلومات التي حصلت عليها عن الزراعة هنا جاءت من لقاءاتي مع المنتجين والعاملين في هذا القطاع، لكنني أطمح لزيارة هذه المناطق مستقبلاً.

هل لديكم أرقام أو إحصائيات رسمية عن الأمن الغذائي أو سلامة الغذاء في الكويت؟

لدي بعض الأرقام التي جمعتها من الإنترنت، لكن المشكلة أن البيانات ليست متوفرة بشكل علني أو منظم، كثير من الجهات تحتفظ بالبيانات داخلياً، ما يصعب الوصول إليها للباحثين، في جامعاتنا، نشارك قواعد البيانات علناً ليستفيد منها الجميع، ونستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليلها، لكن إذا لم تُنشر البيانات من الأصل، فلن نتمكن من الاستفادة منها في صنع السياسات أو توجيه الأبحاث.

 

الهدر الغذائي يولّد غاز الميثان الضار

أكد برنيسكي عند سؤاله عن آلية تقليل هدر الطعام في المجتمع الكويتي، أنه يجب أن نبدأ من فهم أن الهدر يحدث على مستويات متعددة من سلسلة الإمداد، لكن في الكويت، النسبة الأكبر من الهدر تحدث في مرحلة الاستهلاك – في المنازل والمطاعم والفنادق، أو ما يُعرف بـ"plate waste" أو بقايا الأكل غير المستهلك، وهذا النوع من الهدر يساهم في إنتاج غاز الميثان الضار بيئياً، والحل يبدأ بالتوعية والبحث في حلول عملية تناسب الثقافة الكويتية، مثل إعادة الاستخدام، أو التدوير، أو استخدام الفضلات كعلف أو سماد عضوي، و يمكن حتى إنتاج طاقة من خلال "البيو دايجستر"، و المطلوب جمع بيانات دقيقة عن حجم الهدر ونوعه، ثم تحليل هذه البيانات للخروج بسياسات فعالة.

 

الكويت أكثر تقدماً من أميركا اللاتينية

أوضح برنيسكي أن الكويت أكثر تقدماً من العديد من الدول في أميركا اللاتينية وأفريقيا فيما يتعلق بسلامة الغذاء، وتمتلك موارد كبيرة، وسكاناً متعلمين، ومؤسسات قوية ومجهزة بشكل أفضل للتعامل مع قضايا التغذية وسلامة الغذاء.

 

البيوت المحمية... تجربة ناجحة في مصر

ردا على سؤال عن التجارب الناجحة في مجال الزراعة الرأسية قال برنيسكي:"هناك تجارب في مصر مثلاً حيث الإنتاج في البيوت المحمية متقدم، لكن الفرق أن مصر تملك موارد مائية أكثر، مثل نهر النيل والمياه الجوفية، بينما البيئة في الكويت أقسى، هذا لا يمنع من الاستفادة من تلك التقنيات، ولكن يجب تكييفها مع ظروف الكويت الصعبة".

 

الكويت... كيف تصرفت لحل مشكلة "الذرة" خلال "كورونا"؟

ضرب برنيسكي مثالا لقدرة الدول على التكيف والتبديل بين مصادر التوريد، وقال: خذ مثالاً أزمة كورونا عندما أوقفت الهند تصدير الذرة، وهي مكون أساسي في إنتاج الأعلاف بالكويت، فاضطرت الكويت إلى التحول إلى استيراد الذرة من الولايات المتحدة، وهذا مثال عملي على أهمية وجود علاقات ديبلوماسية وتجارية قوية مع عدة دول، لضمان عدم تأثر سلسلة الإمداد عند حدوث أزمات، الحل الآخر هو تعزيز الإنتاج المحلي، بحيث تنتج الكويت جزءاً أكبر من غذائها، ما يقلل من اعتمادها على الاستيراد ويحميها من التأثيرات الجيوسياسية الخارجية.

آخر الأخبار