الأربعاء 21 مايو 2025
41°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
تأكد...  كله عند العرب صابون
play icon
الافتتاحية

تأكد... كله عند العرب صابون

Time
الثلاثاء 20 مايو 2025
View
7560
أحمد الجارالله

كان اتفاق سايكس- بيكو المسمار الأخير في نعش الإمبراطورية العثمانية، ووعد بلفور توج المرحلة اللاحقة من تقسيم النفوذ بين بريطانيا وفرنسا، ولهذا بدأت الهجرة اليهودية إلى فلسطين بكثافة، حتى قبل ذلك الوعد المشؤوم، وبدأ بناء المستعمرات في فلسطين منذ العام 1908، فيما كان أهل الأرض يتعاملون مع هذا الأمر بحذر، لكنهم لم يمنعوا ذلك الاستيطان الجديد.

عندما بدأت تتسارع الأحداث بعد الحرب العالمية الأولى، لم تكن لدى العرب القوة المسلحة المؤهلة لوقف تهويد الأرض، بينما في المقابل كانت هناك صناديق أوروبية تضخ الأموال للمستعمرين الجدد، الذين نجحوا في بناء مجموعة مستوطنات تقوم على العمل الجماعي، وفي الوقت نفسه تشكل قوة حماية ذاتية، ومن نتائج الحرب العالمية الثانية محاولة التكفير الألمانية- الأوروبية عن ذنب ما فعله هتلر، بتكثيف الهجرة اليهودية.

مناسبة العودة إلى هذا السرد التاريخي، محاولات طرد الفلسطينيين من أرضهم، وتصريح وزير المالية الاسرائيلي عن هجرة أهل غزة إلى دولة ثالثة، وأيضاً هو ما نشاهده منذ نحو عقدين في عدد من الدول العربية، أكان من حروب أهلية، أو انقسامات داخل المجتمعات، فيما لا يزال الجميع يرفع شعار "تحرير فلسطين"، ورغم ذلك يتجه عكس البوصلة، أو كما نقول بالعامية الكويتية "يصلي شرق".

منذ العام 1948، والتهمة الظالمة الملصقة إلى اليوم بالملك الراحل فاروق، عن الأسلحة الفاسدة، أو اتهامه بالرجعية والعمالة للغرب والصهيونية، كانت السبب الأول لحركة الصاغ (الرائد) جمال عبدالناصر للانقلاب على الملك عام 1952، وانفصال السودان عن مصر، وهي نفسها التي استخدمها طلاب السلطة في العالم العربي.

لذا، بعد ذلك كرت مسبحة الثورات- الانقلابات، إلى العراق، ثم سورية، ومحاولة الانقلاب الفاشلة في لبنان، واليمن، وصولاً إلى ليبيا، وانقلاب العقيد معمر القذافي على الملك الصالح إدريس السنوسي، عام 1969، وأذكر يومها كان هتاف المتظاهرين في طرابلس الغرب "إبليس ولا إدريس"، وينقل عن الملك السنوسي أنه حين سمع ذلك الهتاف دعى ربه أن "يحكم ليبيا إبليس".

كلنا نعرف تاريخ القذافي بعد نجاح انقلابه، وكيف اتخذ شعار "تحرير فلسطين" وصال وجال في تهديداته للحكام العرب، وتدخله في الحرب اللبنانية، ومحاولة غزوه تشاد، بدلاً من دفع قواته نحو تحرير فلسطين، وفي العام 2011 سقط نظامه، وقُتل بأبشع الطرق، وخلفه الكثير من زعماء ميليشيات سطوا على مناطق عدة في البلاد.

منذ العام 1969، تحولت ليبيا، هذه الدولة الغنية بالثروات الطبيعية، وكذلك السواحل الخلابة، والأرض الخصبة، إلى ما يشبه الخرائب، تماماً مثلما فعل حكم البعث في العراق، الذي عندما حكمه صدام رفع الشعار نفسه، بل زاد إعلانه تأسيس "جيش القدس"، لكنه بدلاً من الزحف على فلسطين، غزا الكويت.

ما جرى قبل أيام في ليبيا، ومحاولة عبدالغني الككلي، الشهير بـ"غنيوة الككلي"، السيطرة على مصادر الثروة في البلاد، وسعيه إلى نهب البنك المركزي، لا يفرق عمّا فعلته العصابات الصومالية، ولا العراقية، إذ اتضح أن شعار التحرير ليس إلا شماعة لـ"الهبش والنبش"، وهو ما سارت عليه الفصائل الفلسطينية أيضاً والتي من المفترض أنها الأحرص على قضيتها.

لهذا، يبدو أن مثل "كله عند العرب صابون" ومنذ العام 800، حين وضعه ابن خلدون في أحد كتبه، علامة مسجلة للعرب، ولهذا، فإن ما يجري اليوم في الشرق الأوسط، هو نتيجة لتاريخ طويل من الانقسامات والخلافات حتى لو على حساب الشعوب والدول، في النهاية يكون "كله عند العرب صابون".

  • أحمد الجارالله
آخر الأخبار