تعتبر الإشاعات من أخطر الظواهر الاجتماعية التي تهدد استقرار المجتمعات، وتزعزع الثقة بين أفرادها ومؤسساتها، خصوصا مع الانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي، التي أصبحت بيئة خصبة لانتقال المعلومات من دون رقابة.
وتكمن خطورة الإشاعات في أنها لا تحتاج إلى دليل، أو مصدر موثوق لتنتشر؛ بل يكفي أن تُروى من شخص لآخر حتى تصبح حديث الناس، ومن ثم أداة تهديد للأمن المجتمعي. لذلك فقد تصدت التشريعات الكويتية لتلك الآفة عبر مجموعة من النصوص القانونية، التي تجرم نشر الأخبار الكاذبة، وتفرض عقوبات صارمة على مروجيها.
ووفقا للإحصائات الرسمية فإن الإشاعات في الكويت غالبا ما ترتبط بقضايا الرأي العام، وهو ما يكسبها زخماً وفرصاً أكبر للانتشار، بشكل سريع.
وتكمن خطورة هذا النوع من الإشاعات في النتائج الخطيرة التي يمكن ان تنتج عنه، مثل زرع الفتن وبث الفوضى، أو تشويه سمعة أفراد أو جهات حكومية من دون وجه حق، كما يمكن ان يكون الهدف من الشائعة التأثير على القرارات العامة، وتضليل الرأي العام، أوإضعاف الثقة بالسلطات.
ولأن الإشاعات وسيلة فعالة في إضعاف العلاقة بين المواطن ومؤسسات الدولة، خصوصاً في حال التشكيك في نزاهتها أو كفاءتها، فقد استدعى الأمر تنظيماً قانونياً قوياً لمواجهتهاً، عبر نصوص تشريعية، واضحة وقاطعة، تُجرم نشر الأخبار الكاذبة وتُلاحق مروّجيها، ليبرز قانون الجرائم الإلكترونية رقم 63 لسنة 2015 باعتباره الأداة الرئيسة التي تتصدى للإشاعات المنتشرة عبر وسائل التواصل الإلكتروني، إذ يتعرض بموجبها للعقاب القانوني كل من استخدم الشبكة المعلوماتية أو وسيلة من وسائل تقنية المعلومات لنشر أخبار أو بيانات كاذبة بهدف الإضرار بالنظام العام، أو الأمن، الداخلي أو الخارجي، للدولة، إضافة إلى نصه على الملاحقة القانونية لكل من أنشأ أو أدار موقعا إلكترونياً، أو نشر من خلاله أخباراً أو بيانات غير صحيحة أو مضللة.
ويؤمن قانون المطبوعات والنشر رقم 3 لسنة 2006 بدوره صحة وسلامة ما ينقله المصدر الإعلامي الموثوق، بحظر نشر ما من شأنه الإضرار بالنظام العام أو الإساءة إلى سمعة الأفراد أو الهيئات، وتصل العقوبات في ذلك إضافة إلى العقوبات الجزائية إلى سحب ترخيص الصحيفة، أو الموقع الإعلامي الذي يُثبت تورطه في بث الإشاعات.
وفي إطار الجهود التنفيذية،ترصد إدارة الجرائم الإلكترونية وتتبع الإشاعات وملاحقة مروجيها كما تقوم الجهات الإعلامية الرسمية بالرد السريع على الإشاعات، وتفنيدها عبر حساباتها الرسمية لتقليل أثرها السلبي.
وأشير هنا إلى انه بمتابعة أكثر من تجربة دولية، وجدت أن التوعية المستمرة تؤدي دوراً أساسياً في الحد من انتشار الإشاعات، فعن طريقها يتم تعزيز ثقافة تحري المصدر، والتأكد من صحة المعلومات قبل تداولها، مما يضع مسؤولية على عاتق المؤسسات التعليمية والإعلامية لتأدية دور رئيسي ومهم في نشر هذه الثقافة بين مختلف شرائح المجتمع، والتعامل معها على أساس أنها ليست مجرد أخبار كاذبة، بل هي أدوات خطيرة قد تُستخدم لزعزعة الأمن الوطني، والإضرار بالوحدة المجتمعية، وبالتالي فان التصدي لها لا يجب أن يقتصر على القانون فقط، بل يجب أن يكون جهداً مشتركاً بين الدولة والمجتمع.
ونختتم بدورنا، بتوجيه رسالة إلى الشباب تحديداً بأهمية التحقق من المصدر، فلا نشارك او نعيد النشر لأي خبر أو معلومة، إلا من مصدرموثوق مثل الجهات الرسمية ووسائل الإعلام المعتمدة.
ونذكر أن إعادة نشر الأخبار الكاذبة، أو مجهولة المصدر عبر وسائل التواصل الاجتماعي تعد مخالفة يعرض صاحبها للمساءلة القانونية، وننصح بالابتعاد عن الحسابات الوهمية والمجهولة، وتجنب نشر أو إعادة تداول ما يمس سمعة الأشخاص أو المؤسسات، وندعو بالأخير إلى التمسك بحق التعبير المسؤول عن الرأي لتجنب ما يمس الأمن والنظام العام.
محام كويتي