سعادة غامرة انتابتني وأنا أتابع، بفخر، فعاليات النسخة العشرين من الملتقى الإعلامي العربي الذي استضافته دولة الكويت الحبيبة، على مدى ثلاثة أيام في الفترة من 10 إلى 12 مايو الجاري، برعاية كريمة من سمو رئيس مجلس الوزراء؛ الشيخ أحمد العبد الله الصباح، وحضور معالي وزير الإعلام الأستاذ عبد الرحمن المطيري، تحت شعار "تحديات الإعلام في ظل تطور التكنولوجيا والتحول الرقمي".
وقد تابعت باهتمام الجلسات النقاشية والحوارية الثرية والساخنة التي دارت على لسان مسؤولون وصناع السياسات الإعلامية، والخبراء المتخصصين في صناعة المحتوى الإعلامي بأنواعه وتجلياته، والتي ناقشت عدداً من الموضوعات المهمة المتعلقة بالإعلام والإعلام الجديد، والتي أصبحت حديث الساعة في ظل الفوضى الإعلامية التي صنعت بفعل ثورة الاتصالات وتقنية المعلومات، في موجات مدها المتواصل من وسائل التواصل الاجتماعي، أو الـ"سوشيال ميديا" إلى الذكاء الاصطناعي. وظهور ما يعرف بـ"إعلام المواطن"، وبات الأمر ضرورياً لوضع أطر جادة، وملزمة تضمن الحفاظ على الوطن، وحماية مجتمعاتنا العربية وخصوصيتها، وحماية أطفالنا وشبابنا وبيوتنا من معاول الهدم التي تعمل ليل نهار دون هوادة، وتدخل لمخدعنا دون استئذان.
ومن هنا يكتسب الملتقى أهمية كبيرة لملامسته للكثير من القضايا الماسة والجادة مثل: المصداقية، والتحقق من المعلومات على الإنترنت، والـ"سوشيال ميديا"، ومحركات البحث الجديدة التي تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي مثل: "Chat GPT"، وكيفية حماية خصوصية المستخدم وحماية البيانات، الشخصية والرسمية المهمة في الإعلام القائم على الذكاء الاصطناعي، وكيفية مواجهة حرب الشائعات المدمرة التي تشكك في كل شيء، وهدفها هدم الأوطان ورموزنا الوطنية، ومبادئنا وقيمنا الثابتة والراسخة.
كذلك مواجهة الحملات الشرسة والمسعورة لنشر الإباحية والشذوذ عن الفطرة التي فطر الله الناس عليها، بهدف تفسخ الأسرة والمجتمع العربي، وأخيراً التأكيد على حاجتنا الماسة للقوانين والتشريعات التي تحمي الفرد والمجتمع، وبلداننا العربية من مخاطر الإعلام الجديد، ومن وسائل التواصل الاجتماعي، وعلاج المشكلات النفسية والصحية التي ظهرت، وأخطرها إدمان الإنترنت والـ"سوشيال ميديا" الذي أصاب الكبير والصغير، وأثر على نباهة وذكاء وتحصيل النشء، وكذلك حدّ من إنتاجية الأفراد، وأدى لظهور مشكلات نفسية كالقلق والاكتئاب والإنطوائية والتنمر الإلكتروني، وما يعرف بـ"فوبيا" الإنترنت، أي الخوف من فقد الاتصال بالإنترنت، وهو أحد الأمراض الجديدة التي تضاف لمجموعة الـ"فوبيا".
بقي أن نقول إن استضافة الكويت لهذه الفاعلية أكسبها زخماً ونجاحاً لافتاً بفضل الدعم الكبير رسمياً، وإعلامياً، وشعبياً. تحية للقيمين على الملتقى الذين أحسنوا التنظيم، واستقدموا قامات إعلامية عربية كبيرة لها مصداقيتها ورؤاها المستنيرة، وأبدعوا في إخراج الملتقى بكل تفاصيله الصغيرة والكبيرة ليخرج بهذا الشكل الأخاذ... وإلى الملتقى في النسخة الحادية والعشرين.