وجهة نظر
بعد فترة من التوقف في تنفيذ أوامر الضبط والإحضار، تعود السلطات بتفعيل هذا الإجراء القانوني، في خطوة تهدف إلى تعزيز هيبة القانون، وحفظ حقوق الأفراد والمؤسسات، لا سيما في القضايا المالية والمدنية. وقد شهدت البلاد خلال السنوات الماضية نوعاً من التباطؤ في تنفيذ بعض الأوامر القضائية، نظراً للظروف الصحية واللوجستية الطارئة. إلا أن المرحلة الحالية تشهد تغييراً واضحاً في نهج وزارة الداخلية بالتعاون مع وزارة العدل، من خلال استئناف تنفيذ أوامر الضبط والإحضار المعلّقة، وذلك ضمن خطة موسعة لإغلاق الملفات العالقة وتحقيق الانضباط القانوني.
ما هو أمر الضبط والإحضار؟
يُعرف أمر الضبط والإحضار بأنه إجراء قانوني تصدره النيابة العامة أو المحكمة، يخول رجال الأمن إلقاء القبض على شخص متهم، أو مدعى عليه لم يمتثل لأوامر الحضور المتكررة، خصوصا في القضايا التي تتعلق بمديونيات مالية، شيكات من دون رصيد، أو قضايا مدنية وجنائية لم تتم تسويتها.
العودة لتنفيذ أوامر الضبط والإحضار لم تأتِ من فراغ، بل جاءت مدفوعة بعدة عوامل، أبرزها:
1- حماية حقوق المتقاضين: حيث تضرر العديد من المواطنين والمقيمين من تأخر تنفيذ الأحكام، خصوصا في القضايا المالية.
2- فرض هيبة القانون: فالدولة حريصة على تطبيق القانون على الجميع، دون تمييز، لضمان العدالة وسيادة النظام.
3- تحريك الدورة الاقتصادية: إن تسوية القضايا المالية المتراكمة يساهم في تعزيز الثقة بالبيئة الاستثمارية، سواء على المستوى الفردي أو المؤسسي. ولقد تباينت ردود الفعل بين المواطنين والمقيمين، فهناك من رأى أن عودة تلك الأوامر خطوة إيجابية لاستعادة الحقوق، بينما عبّر آخرون عن مخاوفهم من أن تؤدي هذه العودة إلى مفاجآت غير متوقعة، خصوصاً لأولئك الذين تأخروا في تسوية أوضاعهم لأسباب مالية قهرية. الجهات المختصة تدعو كل من عليه أوامر ضبط، أو قضايا معلقة إلى المبادرة بمراجعة وضعه القانوني، سواء من خلال مراجعة وزارة العدل، أو عبر التطبيقات الإلكترونية الحكومية مثل "سهل"، وذلك لتفادي التعرض للمساءلة أو التوقيف المفاجئ. عودة تفعيل أوامر الضبط والإحضار تمثل مرحلة جديدة من الجدية في تنفيذ القانون، وهي رسالة واضحة لكل من يراهن على التساهل أو التأجيل، بأن القانون لا يُنسى، وأن العدالة ستأخذ مجراها.
كما تؤكد هذه الخطوة أن مؤسسات الدولة ماضية في حفظ الحقوق، وصون النظام العام، دون تهاون أو استثناء.
طلال عامر الهاجري
كلية الدراسات التجارية - تخصص قانون