السبت 04 أكتوبر 2025
33°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
كل الآراء

محمود الطباخ في ذمة الله... محموداً في الحياة والممات

Time
السبت 24 مايو 2025
اللواء م. مرزوق سليمان المطوع

مصابٌ جلل يهزّ الكيان، ويوقظ في النفس الحقيقة المؤلمة: إن الحياة ومضاتٌ عابرة، لا تستقر ولا تدوم، تمضي كأنها ليلة وضُحاها.

أكثر من ستين عاما… رفيقُ دربٍ، وأخٌ عزيز، وصاحبُ جاهٍ ونفسٍ أبيّة، هو محمود الطباخ (بو حسين) رحمه الله.

كيف مرّت هذه السنوات يا صديقي، يا من كنت محموداً في كل شيء، كان أجمل ما فيك… كل ما فيك؟

عفيفُ الخُلق، طيبُ الصفات، حلوُ اللسان، عابدٌ، مُصلٍّ، طاهرُ السريرة، كأن لحياتك نصيباً من اسمك…محمود.

نعيش في فطرتنا، وهكذا هي الحياة يا صديقي…تختار لنا أسماءً تُشبهنا، وتشبه طبائعنا، اسمٌ يليق بك في طفولتك، حين كنا نلعب في "ذات الفريج"، بين الأزقّة والشوارع والسكيك في وطننا الجميل.

كنا نعيش على فطرتنا، لا نملك من الدنيا سوى براءتنا، تحت رعاية الله، لا نعلم شيئاً، ولا ندرك سوى لحظات الفرح العفوي، نُبادل الابتسامات، ونرسم أحلاماً بريئة عن المستقبل، وكأننا كبار نُجيد الحياة.

نحرس الفريج، نُداعب الصغار، نحترم الكبار، ونكبر بقلبٍ نقيّ لا يعرف الحقد ولا الخديعة، ومع الأيام، كبرنا معاً، وانتقلنا إلى المدارس التي كانت تصدح صباحا: "عاش الأمير… وتحيا الأمة العربية"، وهناك بدأت تتشكّل شخصيتك، وكأن اسمك يرسم لك طريقك.

لم أكن أعلم حينها أن محمود سيكون ذاك الرجل ذا الكاريزما العالية، الذي يحمل كل معاني الرجولة صدقاً وسلوكاً، قلباً وموقفاً، إحساساً ومبدأ. أصبحت ملاذاً للمغلوب على أمرهم، ستراً للمستورين، عوناً للمحتاج، وناصراً للمظلوم.

تفرح لفرح الناس، وتواسيهم في أحزانهم، وتُؤدي واجباتك بكل أمانة، في الأفراح كما في المآتم، دون تأخر أو تردد.

يا بو حسين، 60 عاماً عشتها معنا، في هذا الوطن، في وقت الشدائد والرخاء، في أيام اللواهيب والأزمات.

كم كنتَ حمالاً للهموم، كريم النفس، رفيع الخُلق، طيب المعشر، عذب السيرة، صافي السريرة، واسع الصدر، حاضر الموقف، نقيّ المعدن.

رحمك الله يا بوحسين… محباً للكويت وأهلها الطيبين. محمودٌ في تاريخك، محمودٌ في عطائك، بكت المجالس من بعدك، وحزنت الدواوين، وتركت لنا إرثاً من الأخلاق والنزاهة والمحبة، ومثالا يحتذى في الأمانة والوفاء.

نقشت اسمك في ذاكرة "الفريج"، وفي ديوانية لا تزال تعبق بطيب سيرتك، وفي قلوبٍ لن تنسى ذلك الوجه البشوش، والقلب الطاهر العفيف.

وها هي الستّون عاماً تمضي وكأنها ومضة. يا عشيري… يا من كنت محموداً في اسمك وفعلك، محموداً في دنياك، ونسأل الله أن تكون محموداً في آخرتك، مكرماً في قبرك، منعّماً في جنّاته.

اللهم اجعل له من واسع رحمتك نصيباً، واسكنه الفردوس الأعلى مع الصديقين والصالحين.

اللهم إنّا نشهد شهادة حق، أننا لم نرَ من محمود الطباخ (أبو حسين) إلا كل جميل، في خُلقه وفعله، في سرّه وعلنه، في حياته بين العباد وفي عطائه للبلاد.اللهم تجاوز عنه، واغفر لنا وله، وارحمه رحمةً واسعة، إنك أنت التواب الكريم الرحيم.

آخر الأخبار