شفافيات
استوقفني في تفسير"في ظلال القرآن الكريم" بعد ان انتهيت من قراءة تفسير السورة التي تذكر فيها البقرة "سورة البقر"، هكذا يسميها بعض العلماء.
استوقفني موضوع الشورى في سورة آل عمران، حين كان يشرح سيد قطب، رحمه الله، معركة أحد، فقد ركز على موضوع الشورى كفصل من فصول المعركة.
فالعديد من المفسرين، ورواة قصة معركة أُحُد، لم يركزوا على جانب الشورى بتفاصيله في سرد القصة، كما فعل قطب في استعراضه للمعركة.
فمعظم المفسرين ورواة المعركة كانوا يركزون على ميدان القتال بتعدد تفاصيله، وتنوعها واهميتها، ومجريات احداث المعركة ونتائجها؛ وكان من أهم ما لفت نظري في موضوع الشورى في هذه السورة ان رسول الله محمدا (صلى الله عليه وسلم) قد امره الله بالشورى رغم نزول الوحي عليه من الله يوجهه يمنة ويسرة؛ لكن من الملفت حقا في موضوع الشورى ان الله سبحانه وتعالى، قد ترك مساحة عظيمة لحرية النبي والمجتمع المسلم، كي يمارسوا حياتهم بشكل طبيعي وهذا يمثل المنهج الاسلامي، الذي اختاره الله لعباده في حياتهم.
وهي الطبيعة البشرية وحرية الفكر، وتحكيم الخبرات المتعددة في المجتمع؛ وأن الله سبحانه لا يتدخل في حياتهم بشكل يجعلها مسيَّرة غير مخيَّرة.
وفي هذه الحال المفترضة؛ حال التسيير يتم السؤال: فما العمل الذي يدخلهم الجنة اذا كانوا مسيرين غير مخيرين؟ وسؤال آخر: فما مكانة العقل في التكوين البشري الذي يميز الانسان عن الحيوان المسير في حياته، حال التسيير والاجبارية التكوينية، ماعدا الغريزة البهيمية، وفيها نسبية من الحرية تجعل لحياتها البهيمية طعما مختلفا.
لكن الغريزية ليست عقلا ناميا، ولا يستطيع التنمية؛ فلم نر في حياتنا أن هناك حضارة اقامتها الاسود او النمور او الفيلة، رغم قوتها وعظمتها.
والعقل مناط التكليف؛ فالحرية العظيمة والكريمة في موضوع الشورى هي ايضا مناط اختبار الانسان في تكوينه الايماني والعقلي، والفكري والثقافي.
ومن احترام حرية المجتمعات الاسلامية لم يحدد الاسلام شكلا واحدا لتطبيق مبدأ الشورى؛ فتعدد الاختيار مساحة واسعة اخرى للمنهج الاسلامي وللدول الاسلامية لتحدد المناسب لها في اختيار الصورة والطريقة الانسب للشورى، بناء على الزمان والمكان والظروف.
وهذه جزئية مهمة في موضوع الشورى قد تطرق اليها المؤلف في عجالة، ودون تفاصيل او أمثلة، او نماذج من التطبيقات، فالمجال في تفسير السورة لا يتسع لجزئية من الجزئيات، ان تتحملها السورة في تفسيرها والله اعلم... وللموضوع بقية مهمة ان شاء الله فتابعونا من فضلكم.
كاتب كويتي