في لقاء جمعني مع وزير المواصلات الراحل حبيب جوهر حيات، يرحمه الله، من جملة الامور التي ذكرها لي أن الايرانيين طلبوا من الكويت تأسيس منطقة تجارة حرة، لان الكويت اقرب نقطة التقاء من الخليج لايران.
بعد هذا الحديث، اسست الكويت ما يسمى المنطقة الحرة في ميناء الشويخ، وكانت نقطة تفاؤل وبشرى خير، لكن يا فرحة ما تمت، فالمنطقة الحرة سلمتها الحكومة الى ما يسمى "القطاع الخاص"، تحولت من منطقة للتبادل التجاري الحر إلى سكن عزابية، ومحال بايجارات خيالية، الامر الذي ينطبق عليه قول القائل "وكأنك يا بو زيد ما غزيت"، وبالعبارة الصريحة والواضحة هو ان كل المشاريع الناجحة في الكويت معرضة اما للتخريب واما "ضربة عين"، إلا أن المنطقة اصابتها الضربتان، العين والتخريب معاً، وكان واضحاً ان الهدف من كل ذلك هو منع الكويت من الانفتاح على الاخر، وغدت من منطقة حرة للتبادل التجاري الى منطقة ملعب للقطط والكلاب الضالة، ويا قلبي لا تحزن.
فهل هذا قدر الكويت يريدونها ان تبقى على الحافة؟
اشقاؤنا الخليجيون محصنون من العين والحسد، ومقدامون لا يديرون ظهراً ولا اذناً إلى ماذا يقال خلف ظهرهم، يكفي قولهم "ومن شر حاسد اذا حسد"، او "موتوا بغيظكم ايها الحاسدون البغاة"، فالقرار الشجاع لا يصيخ السمع للجهلة وللحاسدين ولا الكلام اللي يدور خلف الظهر.
لذلك اتكلوا على الله وبهمة الابناء المخلصين اتفقوا مع جيرانهم الهنود والايرانيين على ربط بلدانهم مع الهند وايران بانفاق بحرية، فدولة قطر قررت بناء نفق تحت البحر يربط الدوحة بايران على اساس تقديم خدمة التبادل التجاري ونقل الركاب، وتولدت الفكرة اثر ازمة الخليج، التي فتحت ايران اسواقها الى قطر، وقالوا لهم تعالوا خذوا ما تشاؤون.
هذا من جانب قطر وايران والنفق البحري التجاري الذي سيربط بينهما، اما من جانب اخوتنا الشجعان دولة الامارات فصل على النبي، فلا مكان هنا للحسد او العين، إنما النجاحات والنجاحات وحدها، لذا سيكون هناك نفقان بحريان أحدهما سيربط ابوظبي مع الهند لتزويد الامارة بالمياه العذبة والنفق الثاني ربط دبي مع بمبي (العاصمة التجارية)، ولا يحيق المكر السيئ الا باهله، واللي مش عاجبه او له موقف مخالف يشرب من المحيط الهندي، لان ماءه صحي يناسب الحاسدين.
انا هنا لا يهمني ماذا فعل الاخرون، ما يهمني ماذا نحن فاعلون في "هذي الكويت"، او ماذا نعمل او سنعمل، نحن نعمل، ولكن عملنا متخلف عن الاخرين، وليس هناك مبادرات ولا مشاريع، متميزة، ولا يصح ان نخدع انفسنا بمشاريع نسخ منقولة من دول اخرى.
المنطقة الحرة مشروع فشل او افشل بتعمد، لا نزال نقف على بوابة الانتظار، ولا يزال نشاط حكومتنا لا يتعدى نقل موظفين من وزارة الى وزارة، او من قسم، او ترقيات، او ترضيات.
لهذا سنبقى على حافة النجاح اذا بقينا نعمل بعقلية ابن الحرة وابن العبدة، واذا لا نحترم العقليات النظيفة والمبدعة، نحن نحرق اوراقنا بايدينا لاننا نحرق جهود ابنائنا المبدعين والمخلصين.
المسألة هنا ليست مسألة انفاق ربط بدول، هذا مجرد مثال، فيما نحن متخلفون عن النجاحات فما العمل.
صحافي كويتي
[email protected]