اولا: تنص المادة 26 من الدستور على ان الوظائف العامة خدمة وطنية تناط بالقائمين بها، ويستهدف موظفو الدولة في اداء وظائفهم المصلحة العامة.
"وسعيا نحو مستقبل افضل ينعم فيه الوطن بمزيد من الرفاهية والمكانة الدولية، ويفيء على المواطنين كذلك بمزيد من الحرية السياسية، والمساواة، والعدالة الاجتماعية" عبدالله السالم، امير الكويت، رحمه الله وغفر له.
والدولة اذ تضع المزايا المادية للموظف، رغبة منها في كفالة مستوى معيشي لائق لمن هم في خدمتها، لاسيما انهم يمثلون نسبة لا بأس بها من المواطنين.
ويتمتع الموظف بحكم وظيفته بجملة من الحقوق والمزايا. وهي المقابل الذي من اجله يقبل الموظف الدخول في خدمة الدولة. ويأتي المرتب في مقدمة هذه المزايا والحقوق.
ثانيا: والمرتب هو مبلغ من المال يحصل عليه الموظف من الدولة بصفة منتظمة لقاء ما يؤديه من اعمال وظيفته. ويشمل كل ما يستحقه من مبالغ مالية، او مزايا عينية تخولها له القوانين واللوائح، فيدخل فيه الراتب الاساسي والعلاوات والبدلات بانواعها والمكافآت وغيرها من مزايا. (اصول القانون الاداري - د. تركي المطيري).
وتقول محكمة التمييز…ويعتبر الموظف بالنسبة للحقوق المالية في مركز قانوني ذاتي، يولد له حقوقا مكتسبة لا يجوز المساس بها، ولا يقف حائلا دون الوفاء بهذه الحقوق ما قد تتعلل به جهة الادارة من عدم وجود الاعتماد المالي او نفاده، ذلك ان توفير الاعتمادات المالية هو مسؤوليتها وواجبها( طعن رقم 1257 لسنة 2005 اداري جلسة 27 /2 / 2007).
ثالثا: ويتداول اليوم صدور مرسوم بقانون بتعليق قانون اللائحة الداخلية لموظفي الامانة العامة لمجلس الامة، وتطبيق احكام قانون الخدمة المدنية عليهم، وهذا يعني الغاء الكادر الخاص بهؤلاء الموظفين، وان متوسط انخفاض المرتب هو بـ50٪! وان العلاوة التي قررتها الحكومة بواقع بـ٪30، هي في الواقع نصف هذا المبلغ اي بـ٪15.
وان هذا التخفيض سيؤدي لا محالة الى نتائج كارثية، وان التعويض الذي قرره ديوان الخدمة المدنية غير كاف لمواجهة الاعباء والالتزامات التي حطت على رؤوس هؤلاء الموظفين الذين فوجئوا بتدني رواتبهم الى ارقام لم يهيئوا انفسهم على التكيف معها، وهذا يخل تماما مع الامن المعيشي والقانوني الذي حرص الدستور والقوانين على حمايته من تقلبات الاوضاع المعيشية والحياتية لطائفة رتبت اوضاع استقرارها على وضع معين.(الدكتور محمد الفيلي - تعليق على قرارات الحكومة الخاصة بموظفي الامانة العامة).
واخيرا، والحماية التي تتمتع بها الحقوق والحريات الاساسية في الدول، صاحبتها حماية اخرى تسمى "الامن القانوني".
ومصطلح الامن في تعريفه البسيط يتمثل في الشعور بالامان والاستقرار، وعدم الشعور بالخوف في جميع الميادين، وتجعل منه الدول هدفا اساسا وستراتيجيا لانظمتها. كالامن الاقتصادي والامن الاجتماعي والثقافي والنفسي والغذائي.
ويعني استقرار وثبات القواعد القانونية المنظمة للاعمال والمراكز القانونية، بما يضمن عدم انتهاكها او المساس بها. (رسالة دكتوراة بعنوان الامن القانوني للحقوق والحريات الدستورية للدكتورة فهيمة بلحمزي).
والغاية من هذه المقالة رفع الغبن والظلم عن هذه الفئة التي تتأمل من الدولة أن تعيد النظر في القرارات التي اتخذتها في ما يخص رواتبهم ومزاياهم وفقا للقانون والعدالة، والا يؤخذوا بجريرة الحل! "والضرر لا يزال بمثله، والضرر الاشد يُزال بالضرر الاخف، والمشقة تجلب التيسير" (مجلة الاحكام العدلية).
فاذا كان الاستمرار على الكادر الحالي فيه ضرر، فإن إلغاء الكادر على هذا النحو ينجم عنه أضرار لا يمكن حصرها.
مستشار قانوني