الثلاثاء 27 مايو 2025
35°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
وزير  التجارة...  أمامك الكثير لتفعله وبسرعة
play icon
الافتتاحية

وزير التجارة... أمامك الكثير لتفعله وبسرعة

Time
الأحد 25 مايو 2025
View
5380
أحمد الجارالله

في دول العالم تشجع الحكومات المستثمرين والمبادرين عبر تسهيلات كثيرة من أجل تعزيز الأمن الاقتصادي، وتتغاضى، أحياناً، عن مخالفات بسيطة على أمل أن يكون ذلك مصدراً يساعد على رفع الناتج المحلي، كما تسعى إلى جذب المستثمرين بشتى الطرق.

هذه هي القاعدة الطبيعية لاقتصاد منتج، وعدم الاتكال المطلق على الصناعات والمواد الغذائية من الخارج، فيما العكس يجري في الكويت التي تعتمد على 90 في المئة في اقتصادها على الاستيراد، ووظائف القطاع العام، بينما تعرقل القطاع الخاص، والسبب كما يرد في التقارير الموثوقة أن "الاقتصاد المحلي يسير بلا رؤية، وليست هناك وظيفة لها، جراء غياب التخطيط الحكومي السليم".

لا شك أن هناك أزمة بنيوية، فيما المعالجات إما تكون رد فعل على مخالفة بسيطة، فتصدر قرارات المنع على الجميع، وإما استجابة لشائعة نشرها أحدهم على منصة "إكس"، وبطبيعة الحال ذلك يزيد من الانكماش، ويعرقل الدورة الاقتصادية.

لهذا، وجب السؤال: كيف يمكن أن تصبح الكويت مركزاً تجارياً ومالياً عالمياً، وهي في الوقت نفسه تمارس الضغط على المبادرين وتطرد المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال؟

مؤشرات كثيرة تدل على ذلك، من أهمها سحب القسائم الزراعية والصناعية، ففي الأولى (الزراعية) هناك ما يشبه تعزيز استيراد المواد الغذائية من الخارج على حساب الزراعة الكويتية، وهذا يضرب الأمن الغذائي في مقتل.

أما في الثانية (الصناعية) فحدّث ولا حرج عما تكابده جراء إجراءات أقل ما يقال فيها إنها قصيرة نظر، أو كيدية، أو إنها نتيجة سوء تدبير من المسؤولين التنفيذيين في القطاعات المعنية، أو خدمة لمن يدفع أكثر، هذا إذا أحسنّا النية والقول.

الكويت تعاني من هرم مقلوب إدارياً منذ عقود، وهي بذلك تعتمد على الخارج في أهم مصادرها، وهو الغذاء، وهنا لا بد من القول كانت هناك محاولات خجولة في الماضي، لكنها نحرت من خلال تدخلات المتنفذين أو النواب، وحتى وزراء كانوا ينظرون إلى الأمر بحسد.

الأمن الستراتيجي، ليس عسكرياً وأمنياً، فالأساس فيه الغذاء، ومن ثم الصناعة، ولهذا السبب تعمل الدول قدر الإمكان كي تعززهما، وعلى هذا الأساس كان مشروع الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتشجيع الصناعة في الولايات المتحدة أولاً فرض رسوم تجارية على معظم الدول، ومنذ أيام أصدر أمراً تنفيذياً فرض فيه رسوماً كبيرة على الهواتف النقالة المصنوعة خارج بلاده، وثانياً مطالبته أصحاب رؤوس الأموال الأميركيين جلب صناعتهم إلى بلادهم، ففي الصين مثلاً، هناك صحاري جرت زراعتها، وجلبت المياه لها، وجرت تحليتها، حتى هذا العنصر يتم استخدامه مرات عدة، عبر عمليات التكرير، وأسمته "السور الأخضر العظيم". كما أن السعودية فعلت ذلك، وأصبحت صحاريها خضراء منتجة ومثمرة.

الكويت بحاجة إلى تشجيع الجميع، فإذا كانت هناك مخالفة في القسائم الزراعية افرضوا عليها رسوماً كبيرة، أما الذي يلتزم القانون، ويسعى إلى تطوير زراعته فامنحوه تسهيلات، وشجعوه، وافرحوا معه بفرحته، وبلا حسد ونميمة.

أما مستثمر القسيمة الصناعية فلا تعرقلوا عمله، فإذا أراد، مثلاً، أن يدخل بعض المنافذ المساعدة في صناعته اسمحوا له بذلك، وألغوا شهادة الأوصاف التي أصبحت من الماضي، وهي عرقلة مقصودة.

وهنا أنقل فقرة من تقرير "الشال" فقد ورد فيه "إن أرادت الكويت ضمان استدامة استقرارها في عالم بات مضطرباً، فلابد أن تخفّض من درجة طغيان اعتمادها على القاعدتين (النفط، واحتياطي الأجيال القادمة)، وتبني قواعد مساندة لهما".

إن القاعدة الأساس في هذا الشأن هما الزراعة والصناعة، وفتح البلاد كي تكون محطة لوجستية على غرار دبي، وبلدان أخرى، وبدلاً من ملاحقة المزارعين والصناعيين، وسحب القسائم منهم، اعملوا على تطوير القطاعات غير النفطية، وزيادة الإنتاج المحلي ونمو الصناعة، والخدمات اللوجستية، والتكنولوجيا، والسياحة، أفضل بكثير من "ضيقة العين".

الزراعة والأمن الغذائي، وكذلك الصناعات الخفيفة والتحويلية، عصب أي دولة، وهما قطاعان لا بد من تشجيعهما عبر محفزات كثيرة.

يا وزير التجارة، هذا دورك وفرصتك بعد استقرار المنصب الوزاري الذي نأمل دوامه.

  • أحمد الجارالله
آخر الأخبار