مختصر مفيد
نتساءل، ونحن نجوب شوارع البلاد ليلاً، لماذا هذه الأنوار مضيئة، لماذا 60 ألف لمبة مضاءة على المبنى الحكومي، وهناك 10 آلاف لمبة على المبنى الثاني، وهكذا؟ والله حرام.
ومع بداية الصيف، والناس بحاجة إلى التكييف، تعلن الحكومة أنها مستاءة من الاستهلاك الكبير للكهرباء، فتنشر في الصحف أنها ستقطع التيار لساعات على بعض المناطق، وفقا لبرنامج زمني.
يعني ماعندكم فكرة ثانية، يعني، وأرجو المعذرة، ألا تفكرون بعمـق؟، ألا ترون استهلاك الإضاءة الهائل على المباني الحكومية وداخلها، وفي الجمعيات والمؤسسات؟
كان بإمكان الحكومة أن تأمر موظفيها بإغلاق مصابيح الإضاءة داخل المكاتب عند انتهاء الدوام، وتطلب من جميع الجمعيات والمؤسسات، الاجتماعية والخيرية، وأيا كانت العمل بالمثل.
ذكرنا سابقا، أني دخلت مكتبة في احدى الجمعيات التعاونية، فوجدت ان سقف المكتبة به نحو 100 لمبة مضاءة، لماذا، أما كان الأفضل إضاءة عشرة مصابيح مثلا؟
أقول هذا عن تجربة، وأرجو عدم السخرية والاستهزاء من كلامي، فأنا أعرف تماما ما يعني المصباح لي، إذ أعتبره ثـروة، تسألون كيف؟
بدأت حياة مهنية شاقة، فقد نُقلت للعمل في سفارة الكويت في السودان، ولما وصلت مطار الخرطوم في 31 أغسطس 1974، استقبلني زميل عمل، ثم دخلت مسكني، صُدمت أن الكهرباء مقطوعة، وأنها تنقطع ساعات طويلة في اليوم، وبالطبع ينقطع وصول الماء الى المنازل، لأن مولدات الحكومة الكهربائية لا تعمل، ولما تتوقف هذه المولدات لا يستطيع الناس تعبئة سياراتهم بالبنزين، ولاقراءة الصحيفتين الرسميتين "الأيام" و"الصحافة".
عشت تجربة قاسية، كنت أقرأ على ضوء الشموع مجلة "نيوزويك" الأميركية، وكتاب علم الاقتصاد لسام ولسون، رغم الحر الشديد، وكانت الشمعة تنطفئ بعد ساعة ونيف، والحرارة شديدة، فإذا ضاق بي الوضع ذهبت الى فندقٍ للقراءة، وهناك أجد نصف الفندق مضاء ونصفه الآخر في ظلام، لهذا اعتبر اللمبة الواحدة نعمة كبيرة، بل ان اسطوانة الغاز اعتبرتها ثروة!
هذه المعاناة وقسوة الحياة جعلتني أقول: لو جرب الناس الحرمان لعرفوا معنى النعمة.
عرفت أننا في الكويت بنعمة عظيمة بفضل الله، وعرفت معنى الحرمان من الكهرباء والماء والطعام، فيما صقلتنا التجارب القاسية.
ذكرت لكم هنا ما يخص نعمة الاضاءة، وكنت شرحت صعوبة المعيشة بالتفصيل، ألم أقل لكم اننا نعيش بنعمة كبيرة، لكننا لانقدرها، ولانحافظ عليها، فلماذا نسرف إذن بإضاءة المصابيح؟
ثم كان بإمكان الكويت ان تستفيد من تجربة اسكتلندا مثلا، التي اقامت توربينات أو طواحين هواء كمولدات كهرباء من الرياح قبالة سواحل اسكتلندا، لم تنصبها على اليابسة فقط، بل على البحر أيضا، وكعوامات تطفو، وهذا ما سنذكره في مقالة آخرى بإذن الله، فلماذا لا تنصب الكويت طواحين هواء في شمال البلاد لتوليد الكهرباء؟
[email protected]