الأربعاء 28 مايو 2025
36°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
دماء أهل فلسطين بين نتنياهو و'حماس'
play icon
الافتتاحية

دماء أهل فلسطين بين نتنياهو و"حماس"

Time
الاثنين 26 مايو 2025
View
6010
أحمد الجارالله

محرقة جديدة بكل المقاييس تجري اليوم في قطاع غزة، لكن الفاعل مختلف، فإذا كان العالم ذُهل من محاولة الإبادة الجماعية التي أعلنها هتلر في الحرب العالمية الثانية، فما يفعله نتنياهو، وحكومته المتطرفة، أفظع مما يُروى عمّا فعله النازي.

يومذاك حاول العالم، وتحديداً الدول الأوروبية المنتصرة، التكفير عن ذنبها بأن أسرعت في إنشاء الدولة اليهودية، وقد لاقت تلك المسألة التأييد، في وقت لم يكن للعرب قوة تدافع عن حقوقهم، وكانوا لا يزالون تحت وقع صدمة "سايكس- بيكو" وما أنتجته من شرذمة لهم.

في المقابل، لم يستغلوا القرار الدولي 181 القاضي بتقسيم فلسطين، كمرحلة أولى في الصراع، في وقت كانت لا تزال الدعاية الصهيونية قائمة.

هذا الوضع لم يتغير في الحروب التالية التي سعت إليها اسرائيل طلباً للتوسع، وقضم أكبر مساحة، حتى وصلت في العام 1967 إلى ضم كل فلسطين.

في المقابل، وكعادة العرب، تراشقوا بالتهم، فيما لم ينتجوا ستراتيجية للمواجهة، ورفضوا المبادرات كافة، بدءاً من الحبيب بورقيبة، الذي قال لهم بوضوح: "اعملوا بمبدأ خذ وطالب"، بل خوَّنوا الرجل، ونبذوه، وكذلك مبادرة روجرز عام 1970، التي قبلها عبدالناصر فيما رفضها قادة منظمة التحرير.

أما تل أبيب، فكانت تستغل تلك الأحداث لمصلحتها، وتشيع في العالم أن العرب لا يريدون السلام، ولذلك حين أُقرّت مبادرة الملك فهد في "قمة فاس"، رفضتها فوراً، والأمر نفسه جرى مع مبادرة الملك عبدالله، فهي لن تقبل بأي دولة فلسطينية، حتى لو كانت حكماً ذاتياً، كما أقرته معاهدة "كامب ديفيد".

اليوم، هناك 147 دولة اعترفت بالدولة الفلسطينية، كما أن أربع دول أخرى أعلنت أنها ستعترف بها، فيما لم تقدم ما يمكنه إزالة السكين الاسرائيلية عن الرقبة الفلسطينية، بل هي مجرد بيانات سياسية، يمكن التخلي عنها في أي وقت.

كذلك، علينا الاعتراف أن الانقسام الفلسطيني ساهم في إطالة أمد القضية، ومنع الحل، لأن كل فصيل كان يسعى إلى تحقيق رغبات الدول الداعمة له، لهذا، ظهرت تلك المنظمات في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي بصورة إرهابية، لأنها أقدمت على خطف الطائرات المدنية، وافتعلت "أيلول الأسود"، وكذلك جعلت نفسها سلطة أمر واقع خلال الحرب الأهلية في لبنان.

هذا التاريخ يحفظه العالم جيداً، ولذا حين افتعل السنوار و"حماس" السابع من أكتوبر عام 2023، رأينا قادة الدول الغربية، وعلى رأسهم الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، يحجون إلى مقر نتنياهو.

في تل أبيب اليوم حكومة مصاصي دماء، تسعى إلى تحقيق أحلام طوباوية، لا يمكن أن تتحقق في الواقع، لأن مجرد قيام دولة فلسطينية التي تضم نحو 13 مليون فلسطيني، فيما عدد اليهود لا يصل إلى 5.5 مليون نسمة، بحد ذاته يشكل تهديداً وجودياً لإسرائيل الساعية إلى إبادة أهالي قطاع غزة أو إبعادهم إلى دولة أخرى، وكذلك تهجير أهالي الضفة الغربية إلى الأردن، كي تقيم الدولة اليهودية كما أقرها "الكنيست" في العام 2018، وهي بذلك متكلة على ضعف العرب وتشرذمهم، وكذلك التأييد الغربي، فيما العرب لا يزالون شعوباً وقبائل، وجامعتهم لا تقوى إلا على إصدار بيانات القلق والاستنكار.

على هذا الأساس، فإن الصيغ المطروحة للحل استسلامية، لأنه ليست هناك رؤية موحدة تُقنع العالم أننا نريد السلام، وليست لديهم القابلية لتشكيل قوة ضغط بهذا الاتجاه، وعلى هذا الأساس سيذهب نتنياهو وسيأتي نتنياهو آخر ليكمل الإبادة، وسيأتي يحيى سنوار آخر، و"حماس" لتتاجر بالقضية، فيما الفلسطيني البريء سيُذبح كل يوم.

[email protected]

آخر الأخبار