قصص إسلامية
يجب الحذر من قطع الأرزاق؛ فلا يجب حجب دينار كان يصل إلى يتيم وأسرته فيفصل من مدرسته، وتجوع عائلته.
قال صلى الله عليه وسلم:"من منع حقا، سُئل عنه يوم القيامة"، وقال ايضاً: "اتقوا دعوة المظلوم، فإنها تُحمل على الغمام. ويقول الله: "وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين".
وقد وضع الفقهاء قاعدة "من تسبب في منع حق وجب أداؤه، كان آثما كالمباشر، ومن منع حق يتيم أو أخره من غير ضرورة، فإنه آثم، ومن أعان على منع الحقوق أو تسبب في ضياعها فله كفل - نصيب - من الاثم، لأن الإعانة على الظلم ظلم، والتسبب في المنع كالمباشرة".
الإنسان موضع تكريم بين جميع البشر (ولقد كرمنا بني آدم) ومن هذا المعتقد الأساسي حمل الاسلام هموم الناس جميعا.
قال صلى الله عليه وسلم:"الساعي على الارملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله، وكالقائم لا يفتر، وكالصائم لا يفطر".(البخاري).
فالناظر في الشريعة بخصوص العمل الخيري لابد وأن يلتفت إلى خصائص جلية في الموضوع..
1- الحض على فعل الخيرات، والأجور العظيمة التي يهبها الله لفاعل الخير.
2- تفصيل دقيق وموسوعي لكافة أنواع البر والإحسان تشمل الجوانب الصحية والتربوية، ومناحي الحياة كافة، وهو ما يعتبر حافزاً مهما في دعم العمل المدني، وجمعيات النفع العام في المجتمع المسلم، ولقد اهتم صحابة رسول الله بهموم الناس اقتداء بنبيهم.
فهذا أبو بكر يشارك في البذل فيأتي بكل ماله إلى رسول الله الله، فيساله النبي: "ماذا أبقيت لأهلك"؟
فيقول:"أبقيت لهم الله ورسوله"، بينما خليفته عمر بن الخطاب يهتم بشأن المسلمين وهمومهم، وقال:"لو مات جدي بطف الفرات، لخشيت أن يحاسب الله به عمر". بینما عثمان بن عفان يتبرع ويتبرع للمسلمين حتى قال فيه رسول الله: "ماضر عثمان ما عمل بعد اليوم".
هذا التراث الضخم مدعوماً بالنصوص الشرعية يجعل العمل الخيري ينطلق إلى أفاق الارض، التحصين كرامة الإنسان، وهذا يفسر الانتشار الطيب للمؤسسات الخيرية في طول العالم الاسلامي، ودول الخليج اليوم تؤدي دور الريادة، ليس لأن الأمر متعلق بثروة نفطية، بل إن العمل الخيري خليجيا يسبق زمنياً موضوع الثروة، فأهل الخليج يعتبرون أنفسهم ورثة طبيعيين لهذه المنطقة التي انطلق فيها ومنها الاسلام إلى العالم كافة.في دولة الكويت نحو قرابة 180 مؤسسة خيرية، منها 52 جمعية نفع عام، بالإضافة إلى أعداد جيدة من المبرات الخيرية، وكذلك في بعض الدول الإسلامية كثير من الجمعيات والمؤسسات ذات النفع العام والخيرية. ومع وجود هذا العمل الخيرى الكبير إلاّ أنه لایكاد يذكر مع الامكانات الغربية الضخمة التي تتفوق على إمكانات العالم الاسلامي، فنجد أن العمل الخيري ونشاط التبرعات في الغرب قد يصيبك بالذهول لحجم الامكانات فهناك دعم مالي كبير تقدمه الحكومات لحركة التنصير، مقابل دعم يسير يؤديه أهل الخير في بلاد المسلمين، وسط مضايقات كثيرة من بعض المؤسسات الرسمية، وتشكيكات ولمز ونبز، بينما لا نجد ذلك في الغرب.ونجد الاوقاف في الدول الغربية بمبان ضخمة وإيرادات مرعبة، بينما نجد في المقابل قليلة هي في بلاد المسلمين، ناهيك عن الفروقات الاخرى في الٱدارة والتأهيل وقوة العلاقات، وتنوع الطاقم العامل.
العمل الخيري في أميركا وأوروبا له جذور تاريخية عميقة ويأخذ أشكالاً متعددة، لكنه يختلف من حيث الحجم، التنظيم، والدوافع بين القارتين.
الولايات المتحدة تُعرف أنها من أكثر الدول نشاطاً في مجال العمل الخيري الذي تحض عليه الثقافة الأميركية، ويعتبر جزءاً من المسؤولية الفردية والاجتماعية، ويعتمد على التبرعات الفردية، فيما توفر الحكومة حوافز ضريبية سخية للمساهمات الخيرية، مما يعزز المشاركة المجتمعية، مثل مؤسسة بيل وميليندا غيتس، التي تؤدي دوراً عالمياً في الصحة والتعليم.
أما العمل الخيري في أوروبا فالحكومات تؤدي دوراً كبيراً في توفير الخدمات الاجتماعية، مما يقلل الضغط على القطاع الخيري، ويأخذ أحياناً طابعاً مختلفاً، وتنتشر منظمات وجمعيات غير ربحية تدعم قضايا اللاجئين، البيئة، وحقوق الإنسان، التمويل غالباً يأتي من مصادر مختلطة: حكومية، فردية، ومؤسساتية.
تختلف أنماط العمل الخيري من بلد إلى آخر، والتوجهات الحديثة هي دعم وزيادة المشاركة المجتمعية التطوعية في الأعمال الخيرية "الاستثمار الاجتماعي" و"ريادة الأعمال الاجتماعية". في أميركا وأوروبا ثقافة العطاء جزء من الهوية الفردية مرتبطة بالمجتمع المدني والتضامن، وحجم العمل الخيريtضخم ومنظم وأكثر ارتباطا بالخدمة العامة.
لا نستطيع ونحن نتحدث عن الامكانات الغربية أن نتجاوز الحقائق المنشورة من العمل الخيري الذي يطلق عليه في اميركا والكيان الصهيوني "القطاع الثالث"، وهو يحتل مساحة واسعة من نشاط مؤسسات المجتمع المدني في هاتين الدولتين.
ففي الكيان الصهيوني نحو 30 ألف جميعة.
وبناء على الاحصاءات الرسمية لعام 1995بلغ حجم المناشط التي انجزها هذا القطاع 11 ملیار دولار أميركی، ويعمل فيه نحو 145 ألف شخص بشكل رسمي، بالاضافة إلى 177 ألف متطوع، وبالولايات المتحدة فيضم 1.514972 منظمة وجمعية.
ويجري الترخيص يومياً لـ 200 جمعية، وينتظم في هذا القطاع قرابة 11 مليون نسمة، بينما تبلغ إيراداته نحو 212 مليار سنوياً، ويعتبر الشعب الأميركي أكثر الشعوب تبرعاً، والقانون الاميركي يفرض على الشركات أن تتبرع بنسبة 5 في المئة من عوائدها للجمعيات الخيرية سنوياً.
هذه المقارنات ليست في صالح العمل الخيري الاسلامي، ومقارنة الامكانات المادية بين الطرفين تظهر الموارد المالية للعمل الخيري الاسلامي وكأنها نقطة في بحر. هذا الأمر يستدعي استغراباً من الهجوم المتواصل، والضغوطات الشديدة، ومحاولات التحجيم، وربما ربط العمل الخيري بالارهاب، أو التشكيك بالقيمين عليه، بينما أيدي الجمعيات الغربية طليقة بامكاناتها الجبارة.
نرى الجمعيات الصهيونية تجمع الاموال في الولايات جهاراً نهاراً، لتثبيت الاحتلال الصهيوني، وإقامة المستوطنات على الاراضي التي اغتصبوها بالقوة الغاشمة، والخداع، من غير عوائق ولا مضايقات.
إن أهل الكويت جبلوا على مساعدة الفقراء والمنكوبين في العالم أجمع، وأصبحت هذه الصفة متأصلة بهم.
وقد كان على رأسها سمو أمير البلاد جابر الأحمد، رحمه الله تعالى، الذي سافر بنفسه إلى أفريقيا مصطحباً معه الدكتور عبد الرحمن السميط للوقوف على العمل الانساني، ورعايته، وكذلك سار على نهجه المغفور له سمو الشيخ صباح الأحمد أمير البلاد الراحل، رحمه الله تعالى، ومن كثرة رعايته للعمل الانساني لقبته هيئة الأمم المتحدة بقائد العمل الانساني، لما رأت منه من مساعدات كريمة وواسعة للعمل الخيري، وبتشجيعه المجتمع المدني الكويتي في المساهمة في هذا المجال للعمل الخيري الحكومي، وهذا هو شأن هذه العائلة الكريمة منذ أمد بعيد حتى قبل الثروة النفطية.فعل الانسان الخير ونفع الناس ومساعدة الآخرين من أفضل القربات إلى الله تعالى "من نفَّسَ عن مسلمٍ كُربةً مِن كُربِ الدُّنيا نفَّسَ اللَّهُ عنهُ كربةً مِن كُرَبِ يومِ القيامةِ، ومن يسَّرَ على مُعسرٍ في الدُّنيا يسَّرَ اللَّهُ عليهِ في الدُّنيا والآخرةِ، ومن سَترَ على مُسلمٍ في الدُّنيا سترَ اللَّهُ علَيهِ في الدُّنيا والآخرةِ، واللَّهُ في عونِ العَبدِ، ما كانَ العَبدُ في عونِ أخيهِ".
كما ذم الله تعالى من ولى ظهره عن مساعدة المسلمين مع قدرته على ذلك فعن أبي مريم الأزدي إنه قال لمعاوية (رضي الله عنه) سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: "من ولاه الله عز وجل شيئاً من أمر المسلمين فاحتجب دون حاجتهم وخلتهم وفقرهم، احتجب الله عنه دون حاجته وخلته وفقره يوم القيامة، فجعل معاوية رجلاً على حوائج الناس"(رواه أبو داود".
وعن عبد الله بن عمر (رضي الله عنه) قال:"قال رسول الله: إن لله عند أقوام نعماً أقرها عندهم ما كانوا في حوائج المسلمين مالم يملوهم، فإذا ملوهم نقلها إلى غيرهم".(رواه الطبراني وصححه الالباني).
إمام وخطيب
[email protected]