الاثنين 02 يونيو 2025
41°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
العقوبات الأوروبية على فصائل سورية... 3 رسائل سياسية
play icon
قوات من الأمن السوري في دمشق (ا ف ب)
الدولية

العقوبات الأوروبية على فصائل سورية... 3 رسائل سياسية

Time
الجمعة 30 مايو 2025
View
50
فيصل المتني
وضعت خطوطاً حمراء واضحة لا سيّما في ما يخص الملف العسكري والانتهاكات الميدانية
الدعم الخارجي لا يُعدّ اعترافاً ناجزاً بل رهان على تحوّل سياسي حقيقي
أوروبا مستعدة للتفاعل مع الادارة السورية الجديدة لكن وفق شروط ورقابة مستمرة
أوروبا لن تترك الساحة السورية للمقاربات الأميركية الأحادية بل هي شريك فاعل ومؤثر في رسم ملامح المرحلة المقبلة
أي دعم سياسي أو اقتصادي مستقبلي سيظلّ مرتبطاً بسلوك الأطراف على الأرض

فيصل المتني

فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على ثلاث فصائل واثنين من قادتها بسبب ضلوعهم في ارتكاب مجازر الساحل في مارس الماضي.

وشمل القرار الذي صدر الاربعاء الماضي فرض عقوبات على فصائل السلطان مراد وسليمان شاه والحمزة، متهمة بالمشاركة في موجة المجازر هذه.

وأضاف الاتحاد الأوروبي قائدي فصيلي سليمان شاه والحمزة، محمد حسين الجاسم وسيف بولاد أبو بكر، إلى قائمة الأشخاص الخاضعين لعقوبات بسبب "انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان".

يكتسب القرار أهميته من الرسائل السياسية الضمنية التي يسعى الاتحاد الأوروبي إلى إيصالها لجهات مختلفة، بالاضافة إلى انعكاسه المباشر على السرديات المتضاربة داخل المشهد السوري، والرغبة في الحفاظ على قدر من التوازن المبدئي.

3 رسائل

يوجه القرار 3 رسائل، الأولى إلى السلطة الانتقالية، ومفادها أن أوروبا مستعدة للتفاعل، ولكن ضمن حدود لا تتجاوز منطق المشروطية والرقابة المستمرة.

اما الرسالة الثانية فموجهة إلى واشنطن، للتأكيد أن أوروبا لن تترك الساحة السورية للمقاربات الأميركية الأحادية، بل هي شريك فاعل ومؤثر في رسم ملامح المرحلة المقبلة.

والرسالة الثالثة موجهة إلى الداخل السوري، للتشديد على أن الدعم الخارجي لا يُعدّ اعترافاً ناجزاً، بل رهان على تحوّل سياسي حقيقي، وبذلك يوازن القرار بين تخفيف الضغط الاقتصادي وتثبيت المبدأ السياسي القائم على الانتقال والمساءلة.

العقوبات الأوروبية على فصائل سورية... 3 رسائل سياسية
play icon
عناصر من الأمن السوري في اللاذقية خلال أحداث الساحل السوري

انعكاسات القرار

لا يتوقع أن يؤثر القرار على تقرير لجنة تقصي الحقائق الخاصة في أحداث الساحل، التي تجري تحقيقاتها منذ أكثر من شهرين، التي يُفترض أن تقدّم في نهاية أعمالها تقريراً قانونياً موضوعياً، بعيداً عن أيّ تأثير سياسي.

لكنه يهيّئ مناخاً دولياً داعماً لعمل اللجنة، ويوفر لها أدوات ضغط تدفع الجهات المعنية نحو التعاون، من دون أن يحيد بها عن منهجية البحث القائم على الأدلة، لا على الانطباعات أو الاصطفافات السياسية.

تاثير القرار سيكون على القادة المعاقَبين، وعلى عملية اندماج الفصائل في وزارة الدفاع. إذ يمكن ان يُشكّل القرار عائقاً يحول دون تولّي هؤلاء القادة مناصب رفيعة في السلطة الجديدة مستقبلاً، كما قد يؤدي إلى تأخير عملية الاندماج الكامل لهذه الفصائل في المؤسسة الدفاعية.

إن التزامن الواضح بين فرض عقوبات ورفع أخرى لا يبدو اعتباطياً، بل يمكن قراءته كجزء من سياسة مدروسة تهدف إلى إبقاء قنوات التواصل مفتوحة مع السلطة الجديدة من دون التخلي عن أدوات الضغط.

ولذلك فإن رفع العقوبات يتيح لأوروبا الإمساك بالعصا من المنتصف، إذ يُظهر انفتاحاً مشروطاً ويخلق حوافز تشجّع على سلوك سياسي مسؤول، بينما تفرض العقوبات الجديدة خطوطاً حمراء واضحة، لا سيّما في ما يخص الملف العسكري والانتهاكات الميدانية.

وينسجم هذا النهج مع المقاربة الأوروبية التقليدية في إدارة التدرّج الديبلوماسي، ويؤكد أن أي دعم سياسي أو اقتصادي مستقبلي سيظلّ مرتبطاً بسلوك الأطراف على الأرض، لا بتبدّل الأسماء أو رفع شعارات جديدة.

أخيرا يبدو أن القرار الأوروبي الأخير لا يُعدّ اعترافاً بالوضع الجديد في سوريا، بل خطوة محسوبة لإدارة التغيير بشروط واضحة. إنه تذكير بأن ما بعد النظام لا يمكن أن يُبنى بأدوات النظام، وأن أي شرعية مستقبلية تمر حتماً عبر التزام حقيقي بالانتقال السياسي، لا عبر تغييرات شكلية أو تحالفات ظرفية.

آخر الأخبار