غزة تنزف والأمة العربية في غيبوبة.
في خضم الدمار الذي يعصف بغزة اليوم، يتردد سؤال مؤلم: إلى أين نحن ذاهبون؟
أرض تروى بدماء الأبرياء، وأمة توصف بخيرية تتخبط في صمتها وتشتتها، بينما العالم يشاهد المأساة بلامبالاة أو تواطؤ. غزة، رمز الصمود، تواجه اليوم عدواناً صهيونياً غاشماً يستهدف أطفالها، نساءها، وشيوخها، في محاولة لكسر إرادتها وتهجير شعبها، فما مصيرنا كأمة في ظل هذه الغيبوبة الجماعية؟
عندما تكون أمة خير الأنام، أمة الإسلام، في غيبوبة التي نعيش فيها حاليا، فأنه أسوأ عصور آمة الإسلام، على مدار التاريخ، منذ إرسال الوحي على سيد المرسلين (صلى الله عليه وسلم) وحتى اليوم،إذ لم تر أمة الاسلام هذا الضعف، وهذا التشتت وهذا الخزي، والعار على مر التاريخ.
تستمر آلة الحرب الإسرائيلية في طحن عظام غزة، فبعد هدنةٍ واهية، عاد نتنياهو ليشعل النار مجدداً، منفذاً مخططاتٍ تهدف إلى تفريغ القطاع من سكانه ودفعهم نحو سيناء، في محاولة لتصدير الأزمة إلى مصر.
القصف لا يتوقف، والمستشفيات مدمرة، والمساعدات ممنوعة، بينما يُحاصر أكثر من مليوني فلسطيني في سجن مفتوح.
الدمار الذي أُلقي على غزة يقارن بهيروشيما، لكن صمود أهلها يتحدى كل حسابات الاحتلال.
لكن الهدف ليس غزة وحدها، فالتاريخ يخبرنا أن إسرائيل، بدعمٍ من "الشيطان الأكبر"، تسعى إلى تحطيم أي قوة عربيةٍ تهدد وجودها.
اليوم، يتركز السهم على الجيش المصري، الذي أصبح، بعد تناميه في العقد الأخير، خطرا حقيقيا في عيون الكيان الصهيوني.
فخاخ نصبت في العراق، سورية، ليبيا، واليمن، وحاليا تحاك مؤامرة لجر مصر إلى حربٍ تنهك قوتها، مستغلة أزمة غزة.
بينما تنزف غزة، ينشغل العالم العربي بتوافه الأمور، مهرجانات تقام، وملايين الدولارات تنفق على استضافة من لا يضيفون للأمة سوى الضياع، بينما يعاني المسلم البسيط من إيجاد لقمة كريمة، أهكذا تجسد الأمة وصفها بخيرية، أين العزة التي كانت تميز أسلافنا؟
الأمة اليوم ممزقة، تدار بالخيانة والكراهية بين أبنائها، والتاريخ يكرر نفسه، إذ كما اشترك بعض العرب في تدمير العراق، يمكن أن يستخدموا اليوم ضد غيرها.
غزة تقاوم، لكن قدرتها على التحمل تكاد تنفد. إذا يئس أهلها واتجهوا إلى الحدود المصرية، ماذا سنفعل؟ الحرب مقبلة، ومصر قد تجد نفسها وحيدة، محاصرة بخناجر الخيانة من الداخل والخارج.
لا الصين ستتدخل، فهي تعد نفسها لمرحلة ما بعد أميركا، ولا روسيا، المشغولة بحربها، ولا إخواننا العرب، المنشغلين بمصالحهم الضيقة.
إلى أين نحن ذاهبون، إن لم نفيق اليوم، فمتى؟
الأمة لن تعود إلى عزتها إلا إذا عاد الإسلام إلى قلوبنا، وهذا لن يتحقق إلا برضى الله عز وجل، فلنرفع أيدينا بالدعاء: اللهم ارفع مقتك وغضبك عنا، اللهم لا تحاسبنا بما فعل السفهاء منا، اللهم انصر إخواننا في غزة ورد كيد الشياطين إلى نحورهم.
كاتبة بحرينية، خبيرة قانون دولي