الخميس 05 يونيو 2025
35°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
كلمات لعل وزيري المالية والتجارة يتفقهان بها
play icon
الافتتاحية

كلمات لعل وزيري المالية والتجارة يتفقهان بها

Time
الاثنين 02 يونيو 2025
View
5650
أحمد الجارالله

كيف انتقلت الصين من بلد جائع إلى ثاني اقتصاد في العالم؟

ثمة مسار لا بد من معرفته، ففي النصف الأول من القرن العشرين كانت تلك الدولة فقيرة، وتوا خرجت من ربقة الاستعمار والاحتلال الياباني، والحروب الأهلية مزقتها.

وفي عام 1949، وبعد ما سمي "المسيرة الكبيرة"، التي قادها ماو تسي تونغ وتوليه الحكم، كان نظامه صارماً، واعتمد سياسات قصيرة النظر، ومنها "حملة القفزة العظيمة للأمام"، ما أدى إلى مجاعة مروعة راح ضحيتها نحو 15 مليون نسمة.

خلال حكم ماو كانت الصين معزولة عن العالم، وتعتمد على الزراعة، وتخوض صراعات بين أطراف عدة في الحزب الشيوعي، كما أطلق ماو ما سمي "الثورة الثقافية" التي راح ضحيتها مئات الآلاف من المواطنين، وكانت تصنف طوال ستينيات القرن الماضي أفقر بلد في العالم.

لكن التحول الكبير بدأ عام 1978، إذ جاء إلى الحكم خلفاً لماو تسي تونغ، خريج إحدى الجامعات الفرنسية الرئيس دانغ شياو بانغ، وللمفارقة أنه كان سيعدم خلال الثورة الثقافية، لكن القدر أنقذه، وكانت عبارته الأولى بعد التخرج: "كان الشعور السائد في الصين أن دولتنا ضعيفة، فأردنا أن نجعلها قوية، فسافرنا إلى الغرب وتحملنا متاعب الغربة لنتعلم".

الانفتاح على العالم جعله يعمل على الاستعانة بعقول من خارج الصين، لذا تعاقد مع الدكتور البريطاني الجنسية، العراقي الأصل، إلياس كوركيس، ومنحه صلاحيات كثيرة، إلى درجة أنه يأمر أحياناً الوزراء، وكانت أهم وصفة له الانفتاح والإصلاح، والسماح بالاستثمار الأجنبي، تحرير الاقتصاد تدريجياً من سيطرة الدولة، كما جرى تفكيك ما كان يعرف بالـ"كوميونات" الزراعية.

عندها، بدأ الاقتصاد ينمو بسرعة وتجاوز أحياناً العشرة في المئة، حتى العام 2010، كانت الصين تحولت مصنع العالم لاعتمادها على اليد العاملة الرخيصة، كما استثمرت في البنية التحتية، وانضمت إلى منظمة التجارة العالمية.

وبهذا، ارتفعت صادراتها في غضون سنوات قليلة إلى 15 تريليون دولار، وانتشرت علاماتها التجارية عالمياً، كما أنها بدأت بتنوع اقتصادها، ودخلت عالم التكنولوجيا، والخدمات، ودعمت الكثير من شركاتها الوطنية، كذلك عملت على التركيز على الطاقة النظيفة، ودخلت بقوة في الذكاء الاصطناعي.

أما التحول الكبير فكان في مبادرتها "الحزام والطريق" التي طمحت من خلالها إلى توسيع نفوذها التجاري دولياً، حتى أصبح ناتجها المحلي 19 تريليون دولار، وهو ما يمثل نحو 20 في المئة من الاقتصاد العالمي.

كما قلنا، إن الذي ساهم في بناء هذا الاقتصاد القوي هو إلياس كوركيس، العراقي الأصل، البريطاني الجنسية، ولم يقل أحد في الصين، رغم كل الإمكانات الفردية التي فيها، والحكم الشيوعي، نريد أن يكون "ولد بطنها أو ظهرها"، فهذا الدكتور العراقي، هو من أمر بالإصلاح، وفتح الأبواب للوافدين، من أصحاب المهن والاستثمارات، ومئات الآلاف من البشر من جنسيات مختلفة فيها، ويعملون بتفوق في كل حرفة.

الصينيون لا يختلفون عن بقية الدول، فهم شعوب وقبائل، والكثير منهم تجنسوا، بل هناك الملايين من الوافدين فيها لديهم أملاك ومكاتب وشركات، ويساعدون في نهضة تلك البلاد الواسعة والكبيرة، التي عدد سكانها اليوم 1.408 مليار نسمة، ولا أحد يردد العبارات الساذجة، بل الجميع يعمل من أجل البلد.

الصين عملت في غضون خمسين عاماً على التحول إلى هذا الاقتصاد الكبير، ولفتت الأنظار إليها، ووصلت إلى هذه المكانة العالمية بفضل رؤية واضحة، ولهذا، هي اليوم دولة ينظر العالم إلى مسارها وإنجازاتها، ويحاول التعلم منها.

آخر الأخبار