نعيش في زمن الذكاء الاصطناعي، وفي زمن التسارع التقني، وفي اللحظات أو الثواني من اجل الحصول على المعلومة أو الخبر، واعلامنا- القنوات التلفزيونية تحديداً - تعيش في سُبات عميق.
ولا تزال قنواتنا العربية، مع الأسف، تعيش في زمن الارسال الأول لها، في زمن البرامج المُعلبة، زمن التسعينات، أيام ثورة القنوات الإخبارية، والاقبال من الجمهور للمُشاهدة والمُتابعة، وكانت البرامج تحظى بقبول وردّات فعل، ونقاشات وحوارات، رُبما تستمر ليومين أو ثلاثة، وهُناك من يحفظ الضيوف وانفعالاتهم، وماذا قالوا، وما هي المحاور، وما توصلوا اليه من نتائج، هذا كان في الزمانات.
أمّا اليوم فقلة من الناس تتابع البرامج، أو تنصت إلى الأخبار، أو تنتظر بفارغ الصبر النشرة المقبلة، فقد حصل الفرد على كُل ما يريد من خلال جهازه الذي يحمله في جيبه، ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وقنواته الخاصة.
نعم، هناك قنوات خاصة بكل شخص، فقد اصبح لكل منهم قناته الخاصة، ومصادره، ومنها ما يستطيع الحصول على المعلومات الصحيحة، والتأكد من الاخبار الواردة في الـ"سوشال ميديا"، ومن صحتها ومن العدم.
الغالبية لا تنتظر من القناة الفلانية ان تقدم لها الخبر، أو التحليل، ولا تنتظر من الضيوف ان يحللوا الموقف، وما سيصبح عليه العالم في المستقبل القريب، فهناك خطوط واضحة للغالبية بالخطط والستراتيجيات التي ينتهجها معظم رؤساء العالم، والمنظمات العالمية، وما تحتويه من تقارير، ولا يخفى الاّعلى القلة من الناس ما يحدث في غزة، ولبنان وسورية، والعراق واليمن وما يجري لـ"الحوثي"، وما هي تبعيات الضربات الجوية لمطار صنعاء على سبيل المثال، وما هي آخر التطورات في سورية والاتفاق مع "قسد" والاكراد، واعتقد، بل اجزم أن طالبا جامعيا، يدرس السياسة أو الاقتصاد، يستطيع فهم الامر، وان لم يكن دارساً، بل متابعا للأحداث لما استصعب عليه الامر، ولما استغرق أسبوع واحد فقط ليعي الامر، ويفهم الأمور، وكيف هي الاحداث تتوالى.
اعلامنا العربي، مع الأسف، يُكرر السيناريو نفسه، في كل مشهد، وفي كل نشرة، وفكل يوم، ويعيد الوجوه نفسها، والبرامج ذاتها بأسماء مُختلفة.
بعد سنوات طوال، ها هو اعلامنا العربي يعجز عن القفز نحو أُفق أعلى، واعلام يتجاوب مع العصر، ومع متطلبات العصر (لا أقصد انهم استخدموا الـ"سوشال ميديا")، لكن المحتوى وصناعة المحتوى، اعلامنا يفتقد الى صناعة محتوى، يليق بالوضع الحالي، والى الزمن الحاضر.
اعلامنا العربي يركز فقط على اخبار منطقة واحدة، وعلى السيناريو نفسه، الضيوف المتعاقد معهم، فأصبحوا موظفين تابعين للقناة، وتوجهاتها، ويطبقون الايديولوجيا، والأجندة التي تنتهجها القناة.
اعلامنا العربي يغط في نوم عميق، فمتى يصحوا من غفوته؟
كاتب سعودي