يُعد المسرح الكويتي من أبرز المنابر الثقافية في الخليج العربي، وقد ادى دوراً محورياً في تناول قضايا المجتمع والسياسة بأسلوب فني ساخر وهادف.
ومن بين الشخصيات التي تكررت في أعمال المسرح الكويتي هي الشخصية العسكرية، التي غالباً ما تكون رمزاً للسلطة أو النظام، وفي أحيان أخرى موضعاً للسخرية أو النقد الاجتماعي.
ظهرت هذه الشخصية في المسرح الكويتي منذ بداياته، لكنها أخذت طابعاً أكثر وضوحاً في التسعينات من القرن الماضي، ففي تلك الفترة كانت تعج بالتغيرات السياسية والأمنية في المنطقة.
استُخدمت هذه الشخصية لأداء أدوار متنوعة، من الجندي البسيط وحتى الضابط المتسلط، ما أتاح للمسرحيين فرصة للتعبير عن مواقف سياسية واجتماعية من خلال هذه الرمزية.
من أبرز المسرحيات التي تناولت هذه الشخصية بشكل لافت كانت مسرحية "سيف العرب"، التي ظهر فيها العسكري كرمز للسذاجة أحياناً.
وفي الوقت نفسه كوسيلة لنقد التبعية والتقليد الأعمى للديكتاتوريه والظلم، كما ظهرت هذه الشخصية في أعمال أخرى مثل عبيد بالتجنيد وعاصفة الصحراء مخروش طاح بكروش، إذ كانت بمثابة أداة فنية لطرح تساؤلات حول العلاقة بين المواطن والأحداث، والشعب.
اللافت في تقديم هذه الشخصية هو التوازن بين الطرح الكوميدي والنقد السياسي، فقد استطاع المسرح الكويتي أن يقدم العسكري كشخص قد يكون مضحكاً في سلوكياته، لكن خلفه رسالة عميقة حول مفاهيم السلطة والانضباط، والخوف من التغيير.
هذا المزج بين الكوميديا والنقد جعل الجمهور يتقبل الرسائل دون الشعور بالمباشرة أو المواجهة.
كما أن الممثلين الكويتيين ادوا دوراً كبيراً في ترسيخ هذه الصورة، ومنهم عبد الحسين عبد الرضا، وأحمد جوهر وطارق العلي وعبدالعزيز المسلم وولد الديرة وعبدالرحمن العقل، الذين أبدعوا في آداء هذه الشخصيات، وجعلوها قريبة من الواقع، وفي الوقت نفسه محمّلة بالرمزية.
وقد ساهم ذلك في خلق وعي اجتماعي وثقافي لدى الجمهور حول دور العسكري، ليس فقط كمنفّذ للأوامر، بل كشخصية تعكس النظام بأكمله.
تطورت هذه الشخصية في المسرح الكويتي مع تطور الأحداث السياسية في المنطقة، خصوصاً بعد الغزو العراقي للكويت في عام 1990، فأصبحت الشخصية العسكرية أكثر ارتباطاً بالبطولة والدفاع عن الوطن، وتغيّر طرحها من السخرية إلى تمجيد الدور الوطني، ما يعكس التحولات في الوعي الجماعي الكويتي بعد التجربة القاسية للغزو.
في الختام، تظل الشخصية العسكرية عنصراً ثابتاً ومؤثراً في المسرح الكويتي، فقد استطاع المسرحيون توظيفها بأساليب متعددة لإيصال رسائلهم، السياسية والاجتماعية، مستغلين الطابع الكوميدي والرمزي لهذه الشخصية.
إنها ليست فقط زياً عسكرياً على خشبة المسرح، بل مرآة تعكس تطلعات الشعب وتحدياته مع الواقع.