في زمنٍ تتسارع فيه الخطى، وتتنافس فيه اللحظات لتسبق بعضها بعضاً، أصبحت الحياة كسباقٍ لا نهاية له. نركض خلف الأعمال، نُحمّل أيامنا بالمهمات، ونحسب الوقت بالدقائق والثواني، حتى أصبحنا أسرى لجداولنا ومواعيدنا، ونسينا، أو كدنا ننسى، طعم الحياة.
الزمن تغيّر، لكننا تغيّرنا أكثر.
في السابق، كانت الجلسة العائلية البسيطة كفيلة بملء القلب دفئاً، وكانت القهوة تُرتشف بهدوء لا بعجلة.
كانت الابتسامة تُهدى دون مقابل، وكانت الطرقات تُقطع على الأقدام لا على عجل في مركباتٍ مغلقة تسرق منا التأمل واللحظة.
كنا نعيش كل شيء ببطء، نعم، لكنه كان بطيئاً ذا طعم، بطءً يمنحك فرصة الاستمتاع بتفاصيل الحياة الصغيرة.
اليوم، نأكل بسرعة، نعمل بسرعة، نحب بسرعة، وننسى بسرعة، حتى أحلامنا لم تعد تنتظر الليل، نختصرها في صور ومنشورات ونسارع لنقلها للعالم قبل أن نعيشها.
التكنولوجيا قرّبت البعيد، لكنها في كثير من الأحيان بعثرت القريب، حتى غدا الصمت بين الأحبّة غريباً، والجلوس دون شاشة أمراً غير مألوف.
فهل فقدنا المعنى الحقيقي للحياة؟
الحياة ليست فقط في الإنجاز، بل في الشعور، ليست في عدد الخطوات التي نقطعها، بل في عمق اللحظات التي نحياها. طعم الحياة يكمن في العفوية، في صوت ضحكة صادقة، في رائحة الخبز الساخن، في نسيم فجرٍ هادئ، وفي لحظة سكون بعيدا عن ضجيج العالم.
ربما حان الوقت لنتوقف قليلاً، لا لنعود إلى الوراء، بل لنستعيد التوازن.
نحتاج أن نُبطئ، أن نُغلق أجهزتنا لبعض الوقت، أن نعود للاستماع إلى أنفسنا وإلى من نحب، أن نعيش اللحظة لا نُوثّقها فقط.
في زمن السرعة، الحياة ما زالت جميلة، لكنها تُناشدنا أن نراها ببطء.
محام كويتي