التطوير العقاري... الاستدامة والبيئة

بمناسبة اليوم العالمي للبيئة تبرز الحاجة إلى تسليط الضوء على علاقة التطوير العقاري في دولة الكويت بمفاهيم الاستدامة والبناء الأخضر ضمن سياق أوسع هو التزام الدولة بتطبيق رؤية "كويت جديدة 2035"، وما يفرضه ذلك من تحديث تشريعي وسلوكي في التعامل مع الموارد البيئية.

ولم يعد الاقتصاد الأخضر والبناء الأخضر مجرد شعارات بل اصبح تشريعات وبات أحد الأركان الرئيسة للتنمية المعاصرة، وهو يعني توجيه النشاط الاقتصادي نحو تقليل الأثر البيئي وتعزيز الكفاءة في استهلاك الموارد .

البناء الأخضر

ويُعد البناء الأخضر جزءًا أصيلاً من هذا المفهوم حيث يعتمد على اربعة مرتكزات:

1- استخدام مواد بناء صديقة للبيئة.

2- تطبيق تقنيات توفير الطاقة والمياه.

3- تقليل الانبعاثات والنفايات.

4- تحسين جودة الهواء داخل المباني.

ويجد هذا المفهوم سندًا قانونيًا في قانون حماية البيئة الكويتي رقم 42 لسنة 2014، وتحديدًا في المادة 16 التي تُلزم الجهات المختصة بـ"تشجيع استخدام الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة في البناء".

السكن المستدام

بينما يُنظر إلى السكن كحق اجتماعي فإن العصر الحديث يفرض إعادة تعريف هذا الحق ضمن إطار الاستدامة البيئية ويُقصد بـ"السكن المستدام" أن يتميز بمميزات:

1- بيئية:

● يُشيد باستخدام مواد مستدامة قابلة لإعادة التدوير.

● يعتمد على الطاقة الشمسية والعزل الحراري.

● يُدار بأنظمة ذكية لتوفير المياه والكهرباء.

2- اقتصادية:

● يقلل من تكاليف التشغيل والصيانة.

● يتمتع بعمر افتراضي أطول بفضل جودة التصميم.

3- اجتماعية:

● يوفر بيئة صحية وآمنة للسكان.

● يدعم التواصل المجتمعي من خلال التخطيط الحضري الذكي.

البصمة البيئية العقارية

لم يعد البناء يُقاس فقط بالحجم أو الموقع بل اليوم يُقاس أيضًا بـ"بصمته البيئية" أي الأثر الذي يتركه على النظام البيئي المحيط به سواء في:

● استهلاك الموارد (الكهرباء، المياه، المواد الأولية).

● انبعاث الغازات نتيجة استخدام الطاقة التقليدية.

● إنتاج النفايات الصلبة والسائلة.

● التأثير على جودة الهواء والمياه الجوفية.

وهذه الجوانب كلها تُنظّم وفقًا لقانون البيئة الذي يشترط تقييم الأثر البيئي لأي مشروع قبل التنفيذ ويمنع الترخيص لأي نشاط له تأثير بيئي جوهري دون موافقة الجهات البيئية المختصة.

الرعاية السكنية والبيئة

من المؤكد أن المؤسسة العامة للرعاية السكنية تتحمل مسؤولية مضاعفة بتلبية الطلب الإسكاني من جهة وضمان استدامة هذه المساكن بيئيًا وتشغيليًا من جهة أخرى وقد بدأت المؤسسة بالفعل في تطوير مشاريع مثل جنوب سعد العبدالله على أسس صديقة للبيئة.

استدامة البناء والمستقبل

إن القانون البيئي الكويتي إلى جانب التوجهات الدولية يجعل من التطوير العقاري اليوم مسؤولية مزدوجة: عمرانية وبيئية. ولم تعد الاستدامة مجرد رفاهية عمرانية بل أصبحت شرطًا قانونيًا وأخلاقيًا لضمان بيئة سليمة للأجيال القادمة.

ومن هذا المنطلق فإن مستقبل الكويت في العقار والتنمية لا يُبنى بالإسمنت فقط… بل يُبنى بالتشريعات والرؤية البيئية والوعي المجتمعي.

مستشار قانوني عقاري