بين ماسك وترامب... تترنح قيم حضارية سادت

شفافيات

مهم نصب خيمة يسكن فيها الناس، او يستظلون بظلها ويحتمون بحماها كيفما كان الأمر؛ لكن الاهم من ذلك هو تثبيت تلك الخيمة وقوة تلك المثبتات.

التقيت يوما بمثقِّف اجتماعي، وناشط من فريق ما يسمى حاليا "ال بي"، الذين يسعون لما يقولون انه تنمية ايما كانت طبيعتها.

فحكى لي قصة عن مقترح اقترحه بعض هؤلاء على تاجر اشتكى اليه ان عماله لا يثبتون عنه، ويذهبون لاعمال اخرى؛ويستغرب من ثبات عمال غيره من التجار؟

وكان الحل المقترح هو ان يسلف التاجر العاملين عنده مرتبات شهور مقبلة، ويكتب عليهم انهم مديونون له بمبلغ يلزمهم رده خلال المدة التي يعملون فيها عنده، ففعل ذلك التاجر ذلك؛وربط العمال بهذا الدين، الذين لا يستطيعون الانتقال، الا بعد تسديده، الى عمل مجز اكثر، او مريح اكثر او اي ماكان.

فما كان منِّي انا كاتب السطور هذه، الا أن نهرته على هذا العمل، الذي اعتبرته عملا اجراميا يعبد الناس فيه لغير الله، مقابل رزق هؤلاء العمال الذين تحكم في رقاب حرياتهم بهذه المذلة، وبهذا الدين؛ ودار بيننا نقاش ادى الى قطيعة.

اعتبرت هذا العمل عملا ماديا لا اخلاق ولاقيم انسانية فيه، واعتبرته ضد التوجه الاسلامي الذي يرفض العبودية لغير الله. وهذا العمل غير حضاري ولا انساني؛ ان يؤسر الانسان من خلال سيف التهديد برزقه؛ وهو قيمة عمل فاشلة ضالة، ومنحرفة عن الانسانية والحرية، وكل المبادئ الخيرة حتى لو مارسه بعض المنتمين لبعض بلدان الحضارة المعاصرة، كما انه وصمة عار على الحضارة الحديثة عندما تمارسه كقانون عمل كما اتصور.

وما حدث بين السيد ماسك المليونير الاميركي الجنسية، وبين السيد ترامب هو من الخلافات التي قادتها المصالح المادية، واستخدمت فيها السلطوية من جانب والمادية من جانب آخر، وخرجت، من وجهة نظري، عن قيم الحضارة الانسانية التي تغنت فيها البشرية في هذه القرون الاخيرة، وقد كان من اهم ضحاياها من المختلفين مكتسبات الحضارة المعاصرة نفسها من جانب؛ ووقوع الظلم على عشرات الالاف من الاشخاص الذين فقدوا وظائفهم بسبب الخلاف بين شخصيتين مهمتين للغاية، تمثلان مركزي قوة في مجتمع حضاري معاصر.

... وللحديث بقية إن شاء الله.

كاتب كويتي