مختصر مفيد
أصابت البشر أوبئة عبر التاريخ، فقد ظهر "وباء فلورنسا" سنة 1348، وكان الناس يتحاشون بعضهم بعضا، بل ومما لايتخيله العقل أن الآباء والأمهات تركوا أطفالهم الى مصيرهم المظلم، وفي "وباء لندن" سنة 1665 انتفت كل روابط الحب، وكل إنسان انشغل بنفسه، وفي "وباء الأنفلونزا" الإسبانية الذي ظهر في أميركا سنة 1918 مات نحو 675 ألف أميركي، مقارنة بموت 53 ألف أميركي في الحرب العالمية الأولى.
وفي 27 مارس سنة 1964، ضرب زلزال آنكوراج، عاصمة ولاية ألاسكا الأميركية، ومسحها من على وجه الأرض خلال أربع دقائق ونصف الدقيقة بقوة 9,2 درجة على مقياس ريختر، فانتزعت المباني من أساسها، أو انشطرت نصفين، وكان بالمدينة نحو 100 ألف نسمة، وبعد 28 ساعة من الزلزال تبين ان الأهالي تعاملوا مع الموقف بعاطفة وتعاون مذهل، فبعد ان هدأت الهزة، خرج الناس يبحثون عمن يكون على قيد الحياة، ويستخدمون الحبال لرفع من كان منهم تحت الركام، وانتشرت السيارات، وأخذ السائقون يحملون المصابين الى المستشفيات، أو يسحبون ركام الأسمنت بسياراتهم بعيدا عن واجهات المباني.
وكان الكل يمد يد العون بأي طريقة كانت، وهو شعور لايحدث في الأيام العادية، فوفقا لرأي المتخصصين بعلم الاجتماع، فإن الكوارث تستخرج أفضل ما لدى الإنسان من مشاعر طيبة، ويعزو آخرون هذه المحن لسبب ديني، فالله يريدنا ان نتعاطف ونتراحم بيننا.
وقد تنجح الكوارث في حل المشكلات السياسية والاجتماعية، فعندما ضرب زلزال إندونيسيا عام 2004 خلق الظروف المناسبة لإنهاء الحرب الأهلية في إقليم آتشي، وساعد وباء "كورونا" على انخفاض معدل الجرائم في بريطانيا، وانخفض التلوث في نيودلهي بشدة، وظهرت سماؤها زرقاء اللون صافية.
وأصبحت كل دول العالم، متفـقة على ان سلطة الحكومة قد قويت بعد الجائحة، فهي التي تتخذ التدابير الصحية، كما تمارس دوراً نشطاً وفعالاً،إذ تضخ المال في الاقتصاد، وتنقذ الشركات والقطاعات الخاسرة.
* * *
ما يُسمى التنمر سلوك يمس فئة الأطفال والمراهقين، وهم جيل وآباء المستقبل، فهو شكل من أشكال العنف، أنا أصفه أنه جرح مشاعر التلميذ، كإطلاق ألفاظ تجرح الآخر، أوالضرب والصفع، والشتم، ومن أخطر أنواعه التنمر الإلكتروني، إذ من الصعوبة اكتشافه، وهو استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لإيذاء الضحية بنشر معلومات شخصية عن الضحية أو رسائل تهديد.
بالأمس، تـُنمر على طالب في النمسا فحمل بندقية صيد ومسدسا ودخل مدرسته، وقتل خليطا من الطلاب والمعلمين، وقال رئيس النمسا فان دير بيلين: "لايمكن وصف هذا الرعب بالكلمات، كان هؤلاء شبابا ينتظرهم مستقبل باهر"، وأعلن الحداد ثلاثة أيام في الدولة.
* * *
ياوزارة التربية، اجعلي المدارس تتبنى تعليم مواد السلوكيات الفاضلة حتى يتشبع بها التلاميذ، ويكبروا، وتكون لهم سلوكيات راقية، اقنعي التلاميذ بأمثلة، ازرعي فيهم الضمير الحي، أي أن يعرف التلميذ الخطأ من الصواب.
صحيح هناك في مادة الدين سلوكيات راقية، لكن كرري على التلميذ تعليم السلوكيات الفاضلة، حتى تترسخ في اذهانهم.
أذكر قصة طالب كويتي تعرض للتنمر في المدرسة فأصبحت انفعالاته حزينة وقاسية، ربما لن يكون نافعاً لبلده ومجتمعه.
[email protected]