السبت 14 يونيو 2025
36°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
حين يبتسم المسؤول... ولا ينسى الإنسان
play icon
كل الآراء

حين يبتسم المسؤول... ولا ينسى الإنسان

Time
الخميس 12 يونيو 2025
View
20
جبر التميمي

في زمنٍ كثرت فيه الألقاب، وقلّت الملامح الحقيقية، يأتيك وجهٌ من وجوه الجهراء يحمل شيئا مختلفاً: بشاشةٌ لا تفتعل، وتواضعٌ ظاهر لا يتكلّف، وملامح تقول ما لم تقله الكلمات.

محافظ الجهراء، الأستاذ حمد الحبشي، ليس مجرد مسؤول إداري يؤدي مهماته، بل هو – كما يراه من قابله – رجلٌ يحفظ للمنصب هيبته، وللناس ودّهم، وللمكان رائحته الأولى.

منذ تولّيه مهماته، والجهراء تشهد حضوراً فاعلاً، لا يقتصر على اللقاءات الرسمية، بل يمتدّ إلى تفاصيل الناس، احتياجاتهم، وطموحاتهم الصغيرة التي كثيراً ما تغيب عن الطاولة الكبيرة.

وليس من السهل على مسؤول أن يكون قريباً من الناس دون أن يفرّط في وقاره، لكن حمد الحبشي يجمع بين الاثنين: هيبة الإدارة، وبساطة الإنسان.

ولعلّ أكثر ما يلفت في حضوره، كثرة زيارته دواوين المحافظة، وسؤاله الدائم عن أحوال سكان المحافظه، لا بوصفهم جمهوراً إدارياً، بل بوصفهم أبناء مكان واحد.

يدخل المجالس بوجهٍ يعرفه الجميع، ويخرج منها محمّلاً بمطالب الناس، تصحبه عبارات الشكر والاحترام.

وحين يستمع لهم، لا ينصت كمن يؤدي واجباً، بل كمن يرى أن مهمته لا تكتمل إلا بما يراه الناس ضروريا لحياتهم اليومية.

من يعرف سيرته، يدرك أن هذه الأخلاق لم تأت من هواء المنصب، بل هي امتداد لتربية أصيلة، ونشأة عرف فيها الإنسان مكانه من أهله، ومكانته في عيون الناس.

ابتسامته ليست مجاملة، وإنصاته لا يشعرك أنه ينتظر منك أن تنتهي، بل كأنه يستمع لجزء من مسؤوليته.

وفي هذا كله، تتّضح ملامح مسؤول يرى في منصبه واجبا، لا وجاهة.

أن تكون حاضراً دون أن تفرض، وقريباً دون أن تتكلف، وأن تترك في كل من قابلته أثراً، لا ينسى.

لسنا بحاجة إلى مدائح مطوّلة كي نصف رجلًا كهذا، بل يكفينا أن نقول: في عهد حمد الحبشي، اكتسبت الجهراء نصيباً أوفى من الاهتمام والإنصاف.

ما من منصبٍ يعلّي الإنسان ما لم يكن في داخله ما يستحق العلوّ. وحين يجتمع المقام مع الخلق، فإن الصورة لا تحتاج تلميعاً، بل تكفيها الحقيقة.

في حديث الناس عن الأستاذ حمد الحبشي، لا تذكر قراراته أولا، بل مواقفه، ولا يشار إلى منجزاته قبل أن يشار إلى حضوره بينهم.

وهذه في أصلها علامة فارقة، لا تتحقق لكل من تقلّد مسؤولية.

يقول البعض إن القرب من الناس مرهق للمسؤول، لكن حمد الحبشي أثبت أن القرب لا يتعب، من كان قلبه ممتلئاً بالإيمان بالناس.

في زياراته، لا يشعرك أنه جاء من موقع أعلى، بل من موقع أقرب. وفي مداخلاته، لا يستعرض معلومة، بل يستفهم ليبني قراراً أدق.

من يراقب حركة المحافظة في عهده، يدرك أن التنمية ليست فقط مشاريع إسمنت وحديد، بل بناء للثقة، وإعادة لصوت الناس إلى مكانه الصحيح.

لا يتعامل مع المحافظة كخارطة رسمية، بل كنسيج من أسر، وتاريخ، وطموحات، وهو ما يجعل كل خطوة تبدو أقرب إلى مشيٍ على أرض يعرفها.

لم يتحدث عن العمل بروح الفريق، بل بنى الفريق.

ولم يرفع شعار الشفافية، بل جعلها ممارسة.

سألته ذات مرة خلال لقاء صحافي عن سر هذا القرب مع حتى البسطاء من عمال والكادحين وهو المحافظ، وسر هذه اللطافة التي تلازمه في كل لقاء؟

فابتسم وقال بهدوء:

- وين نهاية الإنسان؟ بالنهاية قبر مترين في متر.

كانت جملة قصيرة، لكنها قالت الكثير؛ عن تواضع راسخ، وخوفٍ من الآخرة لا يرى، بل يعاش.

لا يحب الأضواء، لكن أثره يظهر دون دعوة.

ولا ينتظر الثناء، لأن ضميره المهني أسبق من التصفيق.

والمفارقة أن من عرفه عن قرب، لا يندهش من كل هذا،

لأن ما يفعله اليوم، هو ببساطة امتداد لما كان عليه في مراحل سابقة من حياته، حتى قبل تولّي أي منصب.

ليست الجهراء من استفادت منه فقط، بل حتى صورة المسؤول الكويتي، أصبحت عبرة أكثر دفئاً، وأقرب للناس.

أن تصنع فرقاً في حياة مجتمعك، هذا هو الإنجاز الحقيقي،

وأن تفعله دون ضجيج فتلك قامة لا تشترى.

كاتب كويتي

آخر الأخبار