دائماً ما يتبادر إلى ذهن الشخص غير المُلم بالقانون سؤال بريء، ألا وهو: لماذا يخرج المُتهم بالبراءة، رغم وجود قرائن، أو أدلة مادية على ارتكابه للتهمه المنسوبة إليه؟
نعم صحيح هناك العديد من هذه الأمثلة والحالات، التي نلمس واقعها في أروقة المحاكم، أو بـ"مانشيت" كبير في الصفحة الأولى لصحيفة إخبارية، قد لا تصل فيها الصورة كاملة إلى المتابع العام.
الجدير بالذكر أن من مقومات المحامي الناجح عند متابعة قضايا موكله، لا يدخل بصلب موضوع الفعل المنسوب إليه، أو القضية ذاتها مباشرةً، بل يلجأ أولاً إلى حيثيات الإجراءات القانونية المتعلقة بالقاء القبض على المتهم، وهنا تتشكل نواة القضية، كأساس قانوني، فإن بُطلت الإجراءات بُطلت التهمة، استناداً إلى ان ما بني على باطل فهو باطل.
قد تتردد على مسامع الشخص عبارة صحيحة ألا وهي "لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص"، ويستخدمها كورقة، اي أن هناك نص مكتوب مُجرم، لكن يتناسى أن القواعد الإجرائية هي الأساس، خصوصاً أن محكمة التمييز الكويتية، قد أصدرت حكماً مؤكدة فيه صراحةً "لا يضير العدالة إفلات مجرم من العقاب بقدر ما يضيرها الافتئات على حريات الناس".
هذا التأكيد الواضح والصريح من محكمة التمييز الكويتية، والتي تؤدي دوراً بارزاً بحماية حقوق الإنسان، جاء انتصارا للحرية المُصانة دستورياً، وفق أطر سليمة وقانونية، فهي كرست مساعيها بأولوية حماية الحرية الشخصية، السالف بالذكر، أن أحد الأحكام ألغت حكماً سابقاً بحبس مواطن بتهمة التعاطي، وقضت ببراءته بسبب بطلان الإجراءات.
وهذا يستند على إن بُطلت الإجراءات بُطلت الأدلة، التأكيدات هذه تعتبر أن الحرية الشخصية، يجب أن تُصان وفقاً للإجراءات السليمة، حتى وإن، كانت هناك أدلة مادية، فالسؤال لك أيها القارئ.
هل العقوبة …. أسمى من الحرية؟