مختصر مفيد
يقدم التاريخ لنا الدروس والعبر، فقد دخلت الدنمارك في حروب كثيرة مع السويد بلغت 11 حرباً، وواحدة فقط استمرت بينهما مدة 200 عام فقط، ليُثبـت هذا الملك أو ذاك تفوقه الشخصي، أو العسكري.
وفي بعض الأحيان تُشن الحروب بينهما لسببٍ غير سياسي، واتخذت الحروب مُسميات مثل: حرب الدنمارك والسويد، حرب السنوات السبع، حرب كالمار، حرب تورستنسن، حرب سكانيان، حرب الشمال العظمى، حرب المسـرح.
بمرور الوقت تبين للدنمارك فداحة الخسائر المادية والبشرية، وأن أسلوبها العسكري والسياسي كان خطأ، والأفضل لها أن تتصالح مع السويد، وترمي السلاح لكي يتحقق لمجتمعيهما التطور والحياة.
وبالفعل فقد تغير البلدان الى الأفضل، بل أُلغيت كل القيود على تحرك الأشخاص بين البلدين دون وثيقة سفر، أو هوية شخصية، وقد زرت الدنمارك في صيف عام 1975، فشعرت أنها أفضل بلد أوروبي، إذ تمشي في الشارع كأنك تمشي في حديقة جميلة، والبلد نظيف، ويتحدث الدنمركيون بثلاث لغات أوروبية، وتشعر بالاحترام والتقدير، وبمستوى تعليمي وصحي راق.
كتبنا عن إيران وأردنا لها الخير، لكن ما تفعله في منطقتنا العربية مشابه لسياسة الدنمارك في العصور الوسطى، فقد تدخلت في الشؤون الداخلية لأربع بلدان عربية، وهو سلوك مرفوض عالمياً، وضد القوانين الدولية، ولها تأثير في العراق وسورية ولبنان واليمن، والنتيجة أدت إلى تدمير بلدان عربية، ومات الكثيرون، أو فقدوا ممتلكاتهم، بينما كان باستطاعة إيران، لو أحسنت التصرف، سياسياً واقتصادياً، ان تكون "دولة متقدمة" أو "سنغافورة الخليج"، فتهتم بتنمية وضعها الداخلي، وتستغل مواردها الطبيعية وامكانات السياحة، وترفع من المستوى المعيشي للمواطن الإيراني.
القوة حاليا ليست عسكرية، إنما اقتصادية، والدليل على ذلك تقدم كوريا الجنوبية، وتخلف كوريا الشمالية، لكن إيران لم تفعل ذلك، وأججت مشاعر المنطقة نحوها.
في يوم الجمعة الماضي 13 يونيو الجاري شنت إسرائيل هجوما جويا ضد إيران، وضربت بعض المنشآت النووية ومواقع اطلاق الصواريخ، وقتلت شخصيات رفيعة المستوى، مثل رئيس اركان القوات المسلحة وقائد الحرس الثوري، وقائد القوات الجوية، وعلماء نوويين.
استخدامت إسرائيل نحو 200 طائرة في الهجمات، أسقطت مئات الذخائر على أكثر من مئة هدف، ولم يتحرك "حزب الله" في لبنان، نيابة عن إيران، وقال انه لن يتدخل في حرب اسرائيل وايران فـ"هذا شأن دولي"، ولن يتدخل أيضا إذا ضُرب لبنان، فالدولة اللبنانية لها جيش.
تعهد المرشد الأعلى الإيراني بالانتقام، وفي مساء ذلك اليوم أطلقت ايران صواريخ على اسرائيل حملتها طائرات "درون"، وقد تضرب أهدافا، أو مصالح اميركية في الخليج.
واليوم، أما كان الأفضل لإيران لو أنها فتحت صفحة جديدة مع الجميع، ورحبت بالاستثمارات العربية والاميركية والأوروبية، واستغلت مواردها الطبيعية والسواحل الممتدة، فتتطور وينتعش مستوى شعبها، وتصبح دولة متقدمة بدلا من التعرض لهجوم خارجي، أو للاستياء الشعبي؟
[email protected]