الأربعاء 18 يونيو 2025
37°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
إيران بحاجة إلى كسب ثقة جيرانها
play icon
الافتتاحية

إيران بحاجة إلى كسب ثقة جيرانها

Time
الاثنين 16 يونيو 2025
View
5340
أحمد الجارالله

إيران، ومنذ تغيير النظام عام 1979، كانت علاقاتها متوترة مع جيرانها، خصوصاً عندما وضعت في دستورها ما يسمى "تصدير الثورة".

بينما من المعروف، أن تغيير نظام دولة ما، يتجه الحكم إلى ترتيب بيته الداخلي، ويعمل في الوقت نفسه على إزالة التوترات مع الجيران الأقرب إليه.

هذا الأمر لم يعمل به نظام طهران، وهو ما جعل جيرانه يتوجسون منه، لا سيما حين عمل على تأسيس ما سمي "أحزاب الله" في دول عدة، وهي مذهبية السياسة والعقيدة القتالية، وكذلك محاولته الضغط على دول الجوار عبر أعمال تخريبية.

وبينما كانت نهاية الحرب العراقية - الإيرانية، بعد ثماني سنوات من القتل والدمار، فرصة كبيرة لطهران كي تعيد النظر في مجمل سلوكها السياسي الإقليمي، لأن المحيط هو عمقها الطبيعي، وسوقها الصناعي والتجاري، فإنها بدلاً من ذلك عملت على تأجيج الأوضاع.

فهي، مثلاً، بعد إسقاط نظام البعث، دخلت بقوة إلى الساحة العراقية، عبر الميليشيات الطائفية، ورفعت شعار "حدودنا الستراتيجية حتى البحر الأبيض المتوسط"، وبدأت التباهي بالسيطرة على أربع عواصم عربية، كما ساعدت "الحوثيين" بالصواريخ لقصف السعودية، ومهاجمة دول خليجية أخرى.

حاولت دول "مجلس التعاون" السعي، أكثر من مرة، إلى إقامة علاقات حُسن جوار معها، لكن ذلك كان يصطدم بجدار من العنجهية، ورغم ذلك لم ينفد صبر دول "التعاون"، لأنها ترى أن أي توتر في المنطقة يُقوض الاستقرار الإقليمي، وهذا لا شك له تبعات سلبية.

أضف إلى ذلك، منذ العام 1998، عملت طهران على إثارة ريبة جيرانها مرة أخرى عندما أعلنت إحياء برنامجها النووي، وفيما كانت تعلن أنه سلمي، عملت على التخصيب الذري بمستويات عالية، ما يعني أنها تسعى، بطريقة غير مباشرة، إلى الحصول على قنبلة نووية، وهذا ما أثار العالم ضدها، وجعلها تعيش في ظل عقوبات خانقة عادت سلبياً على شعبها واقتصادها.

في المقابل، صحيح أن إسرائيل أم الشرور، وهي تمتلك برنامجاً نووياً عسكرياً منذ العام 1965، وتستخدم الغموض حالياً حول امتلاكها ترسانة دمار شامل، لكنها أقامت علاقات مع العالم فيها الكثير من الإيجابية بالنسبة للعواصم الكبرى.

ورغم محدودية الإمكانات الإسرائيلية، لكنها عملت على بناء اقتصاد ضخم، فكان الناتج المحلي لها عام 2023 نحو 513 مليار دولار، فيما إيران رغم ثرواتها، ومساحتها الجغرافية الكبيرة، والكفاءات والطاقة البشرية الهائلة بقي ناتجها المحلي عند حدود 191 مليار دولار.

هذه المقارنة بين إسرائيل وإيران تكشف عمق الخلل في الرؤية بين النظامين، ففيما الأولى تسعى إلى تمتين علاقاتها مع العالم، وطمأنة الجوار، تسعى الثانية إلى عسكرة الدولة، ولهذا أنفقت المليارات على التسلح، وبناء ميليشيات طائفية، فيما يعيش شعبها في فقر مدقع.

اليوم، في هذه الحرب انكشف ميزان القوى، فظهرت طهران عاجزة، فيما لا أحد من الجيران يريد لها أن تصبح في هذا الوضع الاقتصادي والتنموي المزري، وللخروج من هذا المأزق، لا بد من استعمال لغة العقل كما جرى بين باكستان والهند، وهما دولتان نوويتان، وكان يمكن - إذا اتسعت الحرب - أن تنتهي بكارثة في شرق آسيا كله.

اليوم، هناك دعوات لوقف التصعيد بين إيران وإسرائيل، ومحاولات جادة في هذا الشأن، وإذا كانت طهران لا تريد بناء قنبلة نووية، عليها طمأنة الجيران والعالم، كذلك إذا كانت تل أبيب لا تريد تغيير النظام الإيراني عليها أيضاً طمأنة العالم، والقبول بالحلول الوسط، لأن غير ذلك يعني المزيد من القتل والدمار، وربما القصف النووي والإبادة الجماعية.

آخر الأخبار