يبدو أن التاريخ أعاد نفسه وبقوة، وعادت الرياض مركزا للقرار السياسي في الإقليم، وفي المنطقة العربية، بل تعدى ذلك لتصبح مركزا للقرار العالمي. هذا لم يأت من فراغ، فكما كانت الدرعية مركزا للقرار في أيام الدولة السعودية الأولى، على يد الأمير محمد بن سعود الذي وحد القرار السياسي، والسلطة، بعد أن قضى على الانقسام، والتفكك السياسي، والأمية، وانشاء حكومة مركزية اقامت العدل، وحافظت على مصالح الناس.
واقامت الاحكام الشرعية، ونشرت المبادئ الصحيحة، وقضت على البدع، والخرافات، قام الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود بإعادة الرياض مركزا للقرار، بعد فتحها من جديد، واستعادتها من التفكك، والتشتت، لتعود عاصمة للمملكة العربية السعودية، ومنذ ذلك التاريخ، والحكومة المركزية في الرياض تؤدي دورا محوريا، ومؤثرا في العلاقات العربية، والدولية، على أساس مبادئ القانون الدولي، والشرعية الدولية، وحسن الجوار. ناهيك عن الدور الإنساني في دعم القضايا الإنسانية العادلة كالقضية الفلسطينية، ورأب الصدع العربي والإقليمي، كما هو الحال في "مؤتمر الطائف"، الذي أنهى الحرب الأهلية في لبنان، وأسس مبادئ للتصالح، والاتفاق السياسي اللبناني، كذلك مواقفها الداعمة للحق العربي، وعلى رأسها المبادرة العربية للسلام في عهد الملك عبد الله، رحمه الله، لأنهاء الصراع العربي- الإسرائيلي،والأرض مقابل السلام، والتي رفضها الكيان الصهيوني.
وموقفها التاريخي، والثابت في حرب تحرير دولة الكويت عام 1990، واليوم استعادة الرياض في العهد الجديد بقيادة الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان دور الرياض كعاصمة لمركز القرار، ودورها المميز في أرساء قواعد سياسية جديدة، جنبت المنطقة، والعالم كوارث الحروب، والصراعات.
وكان ذلك واضحا في دورها في التقارب الروسي- الأميركي، والمصالحة الروسية- الأوكرانية، ومد يد السلام مع إيران، ودعوتها للتفاهم على أساس حسن الجوار، وعدم التدخل في أمور الدول في المنطقة.
وكذلك اتفاقها مع الصين كدولة مركزية، واصرارها، وتدخلها في رفع العقوبات الاميركية، والاوروبية عن سورية، وتقاربها السياسي، والاقتصادي مع العراق، وترسيم الحدود مع الكويت بشكل نهائي.
وعلى المستوى الاقتصادي أصبحت الرياض مركزا إقليميا اقتصاديا، باستقطاب مقار كبرى الشركات التجارية العالمية فيها، وعقدها العديد من الشراكات التجارية، والفنية، والتكنولوجية في كل المجالات الاقتصادية الفنية، بما فيها الذكاء الاصطناعي، بعد أن هيئت البنية التحتية للدولة السعودية، وفقا لرؤية"المملكة 20 – 30"، واستطاعت الرياض، وباقتدار أن تكون مركزا للقرار السياسي، والاقتصادي، والفني.
دكتور في القانون ومحام كويتي
[email protected]