صراحة قلم
انتشر الهلع عند البعض بسبب خوفهم من قصف إسرائيل للمفاعلات النووية الإيرانية، الموجودة على سواحل الخليج العربي، وما ستسببه من تلوث للمياه التي تعتبر المصدر الرئيسي لمياه الشرب في البلاد، لأن ليس لدينا آبار ماء، أو أنهار عذبة، بل نعيش على تحلية مياه البحر، وكذلك الخوف من انتشار الغبار النووي القاتل، الذي حتما سيصل لنا لقربنا الجغرافي من هذه المفاعلات.
ما حدث من مناوشات صاروخية بين إسرائيل وإيران، لن تتحول حرباً شاملة، كما يتوقع البعض، فالتاريخ يشهد أن بلاد فارس، منذ ظهور الدولة الصفوية إلى يومنا هذا لم تحارب اليهود، ولا النصارى، بل كانت تتحالف معهم لمقاتلة العرب، وقد شاهدنا اغتيال إسماعيل هنية، وهو في عقر دار إيران، بتفجير صاروخي، وتواصل طهران مع الإدارة الأميركية، والطلب منها الرد على هذا الاختراق الأمني لحفظ ماء وجهها إعلاميا، والتنسيق مع إسرائيل لضرب مواقع معينة فيها، لم تؤد إلى أي إصابات بشرية.
ما فعلته إسرائيل من اغتيال عدد من القادة العسكريين، والعلماء النوويين الإيرانيين، بقصفهم بصواريخ وطائرات مسيرة، يدل على أحد أمرين، إما هناك خيانة في أعلى السلطات الإيرانية، هي من أعطت الاحداثيات، وأماكن تواجد هؤلاء القادة.
وإما أن هناك تعاونا وتنسيقا بين الحكومة الإيرانية التي تسعى لتوقيع مذكرة تفاهم مع الإدارة الأميركية، والعمل على الانفتاح معها، لاغتيال هؤلاء القادة كونهم ممن يعارضون هذا الاتفاق، ويسعون دائما للتصعيد العسكري.
ومهما حدث من قصف متبادل بين إسرائيل وإيران، لن يتحول حرباً شاملة، ولن تقصف إسرائيل المفاعلات النووية الإيرانية، لأن الإدارة الأميركية تحرص على مصالحها في المنطقة، وتعرض المنطقة لتلوث نووي، سيهدد هذه المصالح، خصوصا استمرار تدفق النفط الخليجي.
الخطر الذي قد تسببه هذه المناوشات العسكرية علينا في البلاد، تحريك إيران للمليشيات التابعة لها في العراق، التي تسيطر فعليا على القوة العسكرية هناك، لتهديد أمن الكويت، بهدف اللعب بورقة ضاغطة على الإدارة الأميركية، وإشغال العالم بصراع جديد في المنطقة، لصرف أنظاره عما حدث مع إسرائيل، وإعلامه أنها لا تزال لاعبا رئيسيا في المنطقة.
وإذا فعلت ذلك، فإنها ستوهم هذه المليشيات أنها تخوض صراعا عقائديا، مما يجعل هذه المليشيات تقاتل بشراسة، في الوقت الذي سيختلف فيه الوضع الحالي عن الوضع عما كان عام 1990، عندما احتل الجيش العراقي الكويت بأمر المقبور صدام حسين، فالجيش العراقي، في ذلك الوقت، يقاتل وغالبية جنوده ليس لهم رغبة في القتال، كما أن الولايات المتحدة كانت تسعى لإيجاد موطئ قدم وتواجد دائم لها في المنطقة، ولهذا حشدت 33 دولة لتحرير الكويت، أما الوضع الحالي، فإن هذه الميليشيات ستقاتل بشراسة كون محركها دينيا عقائديا، والولايات المتحدة لها قواعد في المنطقة، ودول العالم مشغولة في مصالحها مع الإدارة الأميركية.
اسأل الله أن يحفظ الكويت وشعبها من كل مكروه.
al_sahafi1@