واضحٌ ما تضمّنه بيان مجموعة الدول السبع (G7) عن أن "إسرائيل لها الحق في الدفاع عن نفسها، وإيران لن تملك سلاحاً نووياً أبداً".
هذا يؤكد مرة أخرى أن العالم في صف تل أبيب، ليس لأنها مظلومة، فهنا علينا التأكيد أنها "أم الشرور"، منذ العام 1947 حتى اليوم، ويمكن أن تبقى كذلك، لكن العالم لا ينظر بعين المظالم، إنما بالمصالح والعلاقات التي تقوم على تبادلها.
للأسف، هذا لم يدركه النظام الإيراني منذ العام 1979، بل عمل على مخالفة الطبيعة السياسية والإنسانية، والمعاهدات الدولية، من خلال رفعه شعار "تصدير الثورة"، كما أسلفنا أمس، وبناء ميليشيات طائفية ومذهبية عملت على زعزعة استقرار الدول.
وأكمل ذلك بالسعي إلى امتلاك برامج أسلحة نووية، وصواريخ بعيدة المدى تهدد كل العالم، فهو الوحيد عالمياً الذي بنى سياسته الستراتيجية على أفكار لا يمكن قبولها من المجتمع الدولي عامة، حتى الدول المساندة له في الحرب الحالية.
على سبيل المثال، ما قاله الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد عام 2014، عن "ضرورة تهيئة الظروف لظهور المهدي المنتظر"، فهذا ليس مجرد قول للاستهلاك الداخلي، بل يمكن أن يأخذه العالم على محمل الجد، فعندما تقول شخصية رفيعة في الحكم ذلك، يعني هذا أن النظام في كل المفاصل المهمة يعمل من أجلها.
ومن الطبيعي أن تثير هذه السياسة الهواجس الدولية والإقليمية، لأنه من غير الممكن انفراد دولة وحدها بتقرير مصير العالم، حتى القوى العظمى تقف عند حدود معينة في هذا الأمر، وبالتالي عندما يقترن ذلك بالسعي إلى امتلاك أسلحة دمار شامل، لا بد أن يستنفر العالم، خصوصاً إذا كانت سياسة من نظام عليه الكثير من الملاحظات، ويعتبر راعياً للإرهاب.
منذ 47 سنة، لم تشهد، أقله الدول المجاورة لإيران، أي خطوات تدل على حُسن نوايا طهران، بل منذ ذلك الوقت تعيش التوترات التي يثيرها جارها المشاكس.
لهذا، عندما يقول البعض في الخليج، والعالم العربي، إن إيران لم تترك للصلح مطرحاً، فذلك يستند إلى وقائع كثيرة، ورغم هذا، فإن أحداً في المنطقة لا يريد تدمير هذه الدولة، بل أن تكون مزدهرة في كل النواحي.
وبناءً على ذلك، لم تجد طهران أي عاصمة تقف إلى جانبها في العالم الإسلامي، باستثناء بعض العواصم التي لها حساباتها الخاصة.
كان من الممكن لإيران أن تكون مصنع الإقليم، وطريق التجارة الدولية لموقعها الجغرافي المهم، وكذلك أن يتمتع شعبها بحياة كريمة، فهو نشيط، ولديها، كما أسلفنا سابقاً، ثروات هائلة، ليست نفطية فقط، بل زراعية ومياه، ومعادن نادرة، وغيرها، وأيضاً لديها كفاءات كبيرة.
للأسف، إن ذلك لم يؤخذ بعين الاعتبار، في خطط النظام الحالي، بل عمل على عسكرة الدولة، وفاقم الأزمات المعيشية على شعبه، فيما كان عليه أخذ العبرة من كوريا الشمالية، المعزولة لإصرار حكمها على الاستمرار في بناء ترسانة نووية وصاروخية، بينما شعبه يعاني المجاعة والفاقة والعزلة.
اليوم، لم يعد ينفع البكاء على اللبن المسكوب، فما خطته الأقلام الأميركية والاسرائيلية، وبمساندة أكثرية دول العالم، لا يمكن أن يتوقف إلا في حال رضخت طهران للشروط الدولية، وأن تكون دولة مساهمة في النهضة الإنسانية.
وبدلاً من أن تسلك طريق التصعيد عليها التعلم من اليابان، إذ رغم قسوة الكارثة النووية عام 1945، إلا أنها اليوم أصبحت دولة اقتصادية مهمة عالمياً، ولا أحد يعتقد أن إيران أقل منها إذا سلكت طريق الطمأنينة، والسلام، والتخلي عن نظريات سياسية لم تعد مقبولة في هذا العصر.