القمة الخليجية- الأميركية التي عقدت في الرياض، كانت ولا تزال حديث الساعة، والعالم بأسره.
فقد أسفرت عن شراكات تجارية، واقتصادية تريليونية، وتباينت الآراء حول مؤيد، ومعارض، ومستغرب من الفائدة من وراء هذه الصفقة العملاقة، ومن المستفيد، دول الخليج أم الولايات المتحدة؟
وجاء الرد بتقرير منصف، وعلمي، وعقلاني من وكالة الانباء "رويتز"، وأعدته مجموعة من الباحثين الصحافيين المخضرمين، والمتخصصين بالشأن الاقتصادي، وعلى رأسهم الخبير أندرو متز، والذي جاء فيه أن الرقم الحقيقي لهذه الصفقات هو 780 مليار دولار، وعلى مدى 10 سنوات، وأن بقية الاتفاقيات ما هي إلا استعراضية بين مذكرات تعاون، وتفاهم حول العديد من الأمور الأخرى، وأن الرابح الأكبر في هذه الصفقة هي دول الخليج، فهي أخذت، واستفادت أكثر مما أعطت. فالسعودية على سبيل المثال ضمنت بيع الولايات مليون ومئتي طن من الغاز المسال لشركات أميركية، ونجحت في الحصول على تكنولوجيا الطاقة النووية السلمية.
وكذلك حصلت على النسخ الأحدث من الرقائق الالكترونية، والبرامج، والتطبيقات بما فيها الذكاء الاصطناعي، ودولة الامارات فازت بأكبر مشروع تكنلوجي لتخزين الذكاء الاصطناعي، وأصبحت ثالث دولة بعد أميركا، والصين في هذا المجال.
وكذلك استفادت بقية الدول الخليجية في الحصول على معدات عسكرية حديثة يصعب الحصول عليها، وكذلك استيراد، وتوطين التكنولوجيا في الخليج جراء هذه الصفقات، وأن مبلغ الصفقة 780 مليار دولار هو نفسه ميزان التبادل التجاري مع الولايات المتحدة، وأن 12 مليار دولار يستقطع من فوائد استثمار دول الخليج في السندات الحكومية الأميركية.
وأن قيمة هذه الصفقات تعادل 3.9 في المئة من الناتج القومي لدول الخليج، وأن إيراداتها تفوق 20 تريليون دولا خلال عشر سنوات.
ناهيك عن أن الصناديق السيادية الخليجية مساهمة، أو مالكة للعديد من البنوك والشركات الأميركية، التي ضمنت، أو مولت هذه الصفقات، وارتفعت أسهمها بعد الاتفاقية، مما يعود بالفائدة على دول الخليج مثل "سيتي بنك".
وبعد هذه الصفقة العملاقة، تقارب اقتصادياً العديد من الدول العظمى للتقارب مع دول الخليج، وعلى رأسها الصين، وروسيا.
وسعت إيران، التي تتفاوض مع الولايات المتحدة حول الأسلحة النووية، على تقديم مقترح لاستثمار اربعة تريليون مع الولايات المتحدة!
لقد نجحت دول الخليج في التخطيط لهذه الصفقة، وتمويلها، وحققت أهدافها الاقتصادية، والسياسية، بل على الجانب السياسي أحدثت هذه الصفقة خسارة للكيان الصهيوني، واستبعاده كحليف يعتمد عليه من قبل أميركا، وحجمت من دوره.
ناهيك عن المزايا، والفوائد السياسية على دول الخليج، والدول العربية في رفع العقوبات عن سورية، ولبنان، والتخلي عن فكرة تهجير الفلسطينيين من غزة.
دكتور في القانون ومحام كويتي
[email protected]