الثلاثاء 24 يونيو 2025
36°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الشرق الأوسط إلى أين؟
play icon
كل الآراء

الشرق الأوسط إلى أين؟

Time
الخميس 19 يونيو 2025
View
1880
يوسف راشد الهاجري

تعيش منطقة الشرق الأوسط حاليا على وقع صدام ستراتيجي لم يكن مستبعداً، بل كان مؤجلاً منذعقود.

فالحرب التي اندلعت بين إيران وإسرائيل لم تأتِ من فراغ، بل كانت نتيجة طبيعية لتراكمات سياسية، وأمنية، وعقائدية منذ قيام الثورة الإيرانية عام 1979، والتي وضعت"إزالة إسرائيل" ضمن ثوابتها، مقابل إصرار إسرائيل على منع أي تهديد، نووي أو عسكري، يأتي من طهران، أو وكلائها في المنطقة.

لم تكن العلاقة بين طهران وتل أبيب يوماً مستقرة، لكن ما نشهده اليوم هو انتقال الصراع من ساحة الوكلاء (حزب الله، الحوثيين، الحشد الشعبي، حماس، الجهاد الإسلامي) إلى مواجهة مباشرة، ربما هي الأولى من نوعها بهذا الوضوح منذ عقود.

الاغتيالات المتبادلة، الضربات الجوية في سورية، والهجمات السيبرانية على منشآت حيوية، كلها كانت رسائل محدودة، لكن التطورات الأخيرة، من قصف مباشر متبادل، واستخدام الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، تشير إلى دخول المرحلة "ما فوق التكتيكية" إلى حرب مفتوحة ذات طابع ستراتيجي.

دول الخليج، من جانبها، تتابع هذا التصعيد بقلق بالغ، إذ أن أي اشتعال شامل بين إيران وإسرائيل سيعني اتساع رقعة النيران لتطال المصالح النفطية، والممرات البحرية.

تركيا تمارس سياسة "الحياد النشط"، فيما تحاول روسيا استغلال الحدث لإرباك الغرب، خصوصا في ظل انشغاله بأوكرانيا.

أما الولايات المتحدة، فهي تحاول أن تبقي خطوط التوازن قائمة بين دعم إسرائيل، ومنع الانجرار إلى حرب إقليمية كبرى، لا ترغب بها إدارتها الحالية.

إيران تدرك أن الدخول في مواجهة شاملة قد يكون مكلفاً داخلياً، لا سيما مع ضغوط اقتصادية، وعقوبات دولية خانقة، لكنها في الوقت نفسه ترى أن أي تراجع قد يُفهم كضعف أمام الداخل والخارج، لذلك تلعب طهران على خيط رفيع بين التصعيد المحسوب، والردع المتبادل.

ورغم القدرات العسكرية الإيرانية المتنوعة، إلا أن جزءاً كبيراً منها يعتمد على وكلاء منتشرون في مناطق مختلفة، وهو ما قد يكون عامل تفجير إضافي في مناطق مثل جنوب لبنان، سورية، اليمن، والعراق.

من جانبها، ترى إسرائيل أن أمنها القومي يتطلب "الضربة الاستباقية"، وهي عقيدة راسخة منذعقود، وبالتالي، فإنها تتعامل مع البرنامج النووي الإيراني، ووجود طهران في سورية كخطوط حمراء لا يمكن القبول بها.

وإن كانت إسرائيل قد راهنت طويلاً على العقوبات والديبلوماسية لاحتواء إيران، فإن فشل تلك الوسائل، أو تباطؤها، قد يكون السبب الرئيسي في تحول الموقف الإسرائيلي إلى نهج عسكري مباشر.

إلى أين تتجه البوصلة؟

1- تصعيد شامل، إذا خرجت المواجهة عن السيطرة، فإن المنطقة قد تشهد حرباً متعددة الجبهات، تشمل الخليج وسورية ولبنان، وربما تدخل قوى كبرى على الخط، مما ينذر بزلزال ستراتيجي، قد يعيد رسم حدودالنفوذ في المنطقة.

2- ردع متبادل واستنزاف طويل، إذ قد نشهد حرب استنزاف غير معلنة، تدار عبر ضربات محدودة وسيبرانية، لكنها ترهق الطرفين، وتترك المنطقة في حالة اضطراب مستمر دون حسم.

3- وساطات إقليمية ودولية، قد تدخل أطراف مثل سلطنة عمان، قطر، أو حتى الصين في وساطة تهدف إلى تجميد الصراع عندحد معين،خصوصا إن رأت الدول الكبرى أن استمرار التصعيد سيهدد الأمن الطاقي العالمي.

ليس جديداً أن يكون الشرق الأوسط مسرحاً لصراعات كبرى، لكن الجديد أن تتحول المعارك من ساحات الوكالة إلى صدام مباشر بين دولتين إقليميتين، بحجم إيران وإسرائيل.

ما نشهده اليوم هو لحظة تاريخية فارقة، تحمل في طياتها احتمالات إعادة تشكيل المنطقة، سواء عبر المواجهة، أو من خلال توازنات جديدة تُفرض بالقوة. ويبقى السؤال: هل نحن أمام شرق أوسط جديد يولد من رحم النار، أم أمام مرحلة تسبق الانفجارالأكبر؟

محام كويتي

آخر الأخبار