مختصر مفيد
أعطت اميركا الانطباع بأنها ستجتمع بالإيرانيين في سلطنة عمان يوم الأحد 15 الجاري، عندئذ قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي انه سعيد بذلك.
لقد كانت تلك خدعة، جزءاً من ستراتيجية متقنة.
لقد اطمأن القادة الإيرانيون والعسكريون، والشخصيات البارزة الإيرانية الى ذلك، وآووا الى فراشهم، ولما ناموا، لم تنتظر إسرائيل اجتماع الأحد، فشنت هجوما على ايران فجر الجمعة 13 يونيو، بضربة عسكرية مُخطط لها بدقة، استهدفت كبار قادة إيران وبنيتها التحتية، النووية والعسكرية، وتقول مصادر أمنية إسرائيلية وأميركية إن الهجمات المفاجئة كانت جزءاً من عملية تضليل مُحكمة التنسيق، وعالية الفعالية، دبّرها الرئيس ترامب، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
أدى الهجوم غير المسبوق إلى مقتل العشرات من كبار القادة، وما لا يقل عن عشرة من أصل اثني عشر عالماً نووياً كانوا على رأس قائمة الاغتيالات الإسرائيلية، وألحق أضراراً جسيمة بمنشآت عسكرية ونووية أخرى.
واصلت إسرائيل ضرباتها داخل إيران، لكن طهران أظهرت بالفعل قدرتها على الرد بإطلاق وابل من الصواريخ على المدن الإسرائيلية، أصابت أهدافا داخل تل أبيب.
خلال هذه الهجمات يهدد الإسرائيليون مصافي النفط، وشبكة الكهرباء، وشبكة النقل لزعزعة استقرار النظام الإيراني، فهدف إسرائيل لم يكن فقط تصفية القيادات العسكرية، وضرب العلماء الذين يديرون البرنامج النووي، لكن التمهيد أيضا لإسقاط النظام بتحريك الشارع الإيراني ضده.
كان القادة الذين قتلتهم إسرائيل في غاية الأهمية، وعنصرا مهما جدا في استقرار النظام وبقائه، على حد تعبير سيما شاين، كبيرة المحللين السابقة في جهاز المخابرات (موساد) للصحافيين يوم الجمعة الماضية.
أمام هذا الاختراق والفشل، من المتوقع أن تسعى إيران إلى توجيه ضربة مضادة لاستعادة ماء الوجه، وردع المزيد من الهجمات، وقد تتخذ هذه الضربة أشكالاً مختلفة، من استهداف مصالح إسرائيلية، أو غربية في المنطقة، وإلى تفعيل أذرعها الإقليمية لشن هجمات على أهداف حساسة.
إن هذه التوترات المتصاعدة تهدد بتقويض الاستقرار والأمن في المنطقة.
إن أي هجوم مستقبلي على منشآت الطاقة الحيوية الإيرانية قد يدفع طهران إلى الرد باستهداف منشآت طاقة، أو بنى تحتية حيوية لدول أخرى قريبة من مسرح العمليات، ولا يريد الخليجيون أن تتوسع دائرة الحرب، ما يجعلهم طرفا مباشرا فيها في ظل وجود قواعد أميركية على أراضيهم، قد تكون مسرحا للحرب.
الإيرانيون يعلمون أن دول الخليج تقف على الحياد فعليا في الصراع، وأن علاقتها المباشرة مع أميركا يمكن أن تكون مساعدا في وقف التصعيد، وتسهيل العودة إلى المفاوضات النووية وفق مسار يحفظ لإيران مصالحها بدل الاستمرار في حرب.
[email protected]