السعودية غير ... من ضفاف الخليج إلى قلب الحرم (1)

رحلة في أرض المجد: الخبر، الرياض، مكة... والمملكة تصوغ الحلم.

الخبر، حيث يلتقي البحر بالحكمة، والتجارة بالشعر، والضيافة بالأصالة، ليست الخبر مدينة فقط، بل قصيدة على ضفاف الخليج، بيتُها الأول ترحابٌ، وبيتُها الآخر كرمٌ لا يشبه إلا نفسه.

فيها تلمحُ العراقة تمشي إلى جوارك، وتشمّ في هوائها عبقاً من التاريخ، يفيض على الحاضر فتضيء به الذاكرة.

زرتها برفقة الصديق الوفي الدكتور عبدالعزيز السبيعي، رجل الحب والوفاء، فكان دليلاً نبيلاً في دروبها ومعابرها وأحاديثها، وما إن خطونا خطواتنا الأولى فيها حتى أحسسنا أن هذه الأرض لا تُزار، بل تُعانَق.

في الخبر، كان لنا لقاء مع نخبة من رجالها، ممن جمعوا بين الصدق في القول، والسخاء في الفعل.

رجالاتٍ يجمعون بين أصالة الماضي، وطموح الحاضر، فكانوا كالنخيل الشامخ، جذوره في الأرض وثماره في السماء.

التقيتُ المحامي اللامع الأستاذ حمد راشد الفهيد، صوت القانون حين يتزين بالحكمة، وقرين النبل حين يُترجم في سلوك، رجلٌ يحمل في حديثه هيبة العقل ودفء الروح، وبرفقته زرنا نسيبه رجل الأعمال الأديب الشاعر الشيخ إبراهيم بن سعود بن خزيّم، ذاك الذي يكتب كما يغرس النخل: من جذور الروح، وإلى ثمرٍ لا يُنسى طعمه!

أهداني إبداعه المطبوع في كتابه الفريد"شيء من كل شيء"، وما هو في الحقيقة إلا كلّ من كلّ شيء.

مأدبة فكرية مترفة، يتنقّل بك فيها من أزمنة التأسيس ومجد الدولة، إلى قصص الجن وأحاديث الزمن، ومن الشعر الشعبي إلى الحكمة الفصحى، ومن الراديو إلى فتنة الإنسان بإبليس وأولاده.

مزيج ساحرٌ لا يقدر عليه إلا من ذاق طعم الحياة جيداً، وفهم تقلباتها، وسَبر أغوارها بقلب شاعرٍ وتاجرٍ ومُحبٍّ دفعة واحدة، إن بدأت مطلع الكتاب أقسم لك: لن تتركه حتى تطوي صفحته الأخيرة.

ولأن الخُبر كريمة المعاني كما هي كريمة الوجوه، كان لنا، برفقة المحامي الشاب حمد الفهيد، لقاء آخر مع رجل الأعمال راشد السويكت، وعائلة السويكت رجالات الأعمال المعروفين، الذين تخلّد اسمهم في واحدة من أعرق أسواق المنطقة الشرقية: أسواق السويكت، تلك الأسواق التي جمعت بين ملامح الأصالة وروح التجدد، فكانت شاهدة على حركة التجارة، ومرآة لتطور الذوق الخليجي، وباباً واسعاً للتسوّق والسياحة في آن.

وإذا أردتَ أن تفهم شيئاً من روح هذه المدينة، فتأمّل شاطئها عند الغروب، هناك حيث تهمس الشمس في أذن البحر، وتذوب الأضواء على الموج كأنها ذهبٌ مذاب.

رأينا مشاريع التطوير الحديثة تُزهر على امتداد الساحل، كأن المملكة تعيد رسم أحلامها على صفحة الخليج، وتقول للعالم: نحن هنا... نبني "رؤية 2030" لا على الورق، بل على الأرض، وفي القلب.

في الخبر، كل شيء يحكي قصة: الناس، السوق، البحر، وحتى الشجر الذي ينحني للنسيم وكأنه يُسلِّم على الزائرين.

وغداً سنكمل رحلتنا عن الرياض، تلك المدينة التي تتنفس المستقبل وتكتنز الحكمة، وماجرى من مشاهداتنا ولقاءاتنا مع شخصياتها الكريمة، كسمو الأمير أحمد بن بندر السديري، وصاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن فيصل آل سعود، ومعالي الشيخ خالد الشثري، ومعالي الدكتور حاتم المرزوقي، والدكتور محمد الثنيان، وسمو الأميرة نورة بنت تركي آل سعود.

... وللحديث صلة