الاثنين 23 يونيو 2025
39°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
إيران تعيش عهد الريبة بينما تحتاج إلى من يثق بها
play icon
الافتتاحية

إيران تعيش عهد الريبة بينما تحتاج إلى من يثق بها

Time
السبت 21 يونيو 2025
View
6230
أحمد الجارالله

كل شعوب دول "مجلس التعاون" تريد أن يكون الخليج بحيرة سلام، وهذا ما كانت تسعى إليه حكوماته، ولذلك كانت الإدانات على شن اسرائيل هجوماً على إيران صادقة، رغم أن الأخيرة، ومنذ 48 عاماً، عملت على إثارة القلاقل في الإقليم.

وفي هذا الشأن، جردة الحساب طويلة، بدءاً من الحرب العراقية- الإيرانية، مروراً بالأعمال الإرهابية خلال تلك الحرب التي ارتكبتها جماعات تابعة لطهران، وصولاً إلى دعم جماعة "الحوثيين" بالصواريخ لشنها هجمات على المملكة العربية السعودية، وبعض دول الخليج.

أضف إلى ذلك، أن طهران عملت ومنذ العام 1982 على إنشاء جماعات إرهابية في لبنان، وبعد سقوط نظام "البعث"، أمسكت بعناق العراق من خلال ميليشيات طائفية متطرفة، لا تزال تعمل على زعزعة الوضع الداخلي العراقي.

منذ العام 1979 حاول النظام الإيراني الحالي إضعاف مناعة سورية، ولقد نجح خلال العام 2011 في جعل قلب العروبة النابض يغير شرايينه ويضخ العداء للعرب عبر إيقاظ الفتنة المذهبية النائمة، وتسبب في قتل وجرح نحو مليون ونصف المليون سوري، وتهجير ما يزيد على ثمانية ملايين مواطن.

أيضاً لا تنسى الشعوب العربية ما فعلته تلك العصابات الطائفية في كل الدول العربية، ومحاولة تخريب عقول شبابها من خلال نشر المخدرات، وغيرها من الأعمال القذرة.

في كل هذا لا نجني على نظام الملالي، الذي كان يخالف كل يوم تعاليم الله، عز وجل، برفضه إشاعة السلام والطمأنينة بين المسملين، بل في العالم أجمع.

طوال العقود الخمسة الماضية حاولت دول "مجلس التعاون" أن تدرأ الكأس المرة عن شفاه الشعب الإيراني، الذي يعيش معاناة كبيرة، لكن قادته كانوا يرفضون الاستماع إلى لغة العقل والمنطق.

حكومات وقادة هذه الدول تدرك أن الثعالب الأجنبية تتربص بمقدرات المنطقة، وتعلم أيضاً أن تلك الدولة الكبيرة (إيران) يمكنها تأدية دور مهم في الإقليم، اقتصادياً وسياسياً وتنموياً، إذا تخلت عن الممارسات المثيرة للعداء، ومناطحة العالم الغربي، بتهديدات خلبية، فيما كانت تقدم كل الأسباب لنشوء أزمات في المنطقة.

لا شك أن الإدارة الأميركية، ومنذ العام 1979، لم تنسَ اختطاف الرهائن في سفارتها بطهران، الذين عاشوا الرعب طوال 444 يوماً، وتهديد مصالحها الحيوية في الشرق الأوسط، ولهذا تعاملت مع هذا النظام على أنه يعمل على زعزعة الأمن الدولي، لا سيما عندما شرع في إحياء البرنامج النووي، خصوصاً أن هذا النظام يلوح دائماً بورقة المضائق البحرية، حيث تمر 20 في المئة من النفط العلمي يومياً عبر مضيقي هرمز وباب المندب، وهذا يعني أزمة عالمية كبرى، وطبيعي لن يقبل العالم بذلك، لا سيما أن الدول كابدت، طوال الأشهر الماضية، من خلال هجمات الحوثي على السفن، التجارية والعسكرية.

في عهد أوباما اختلط الأمر على تلك الإدارة، فعقدت اتفاقاً مع طهران، ثبت أنه مجرد حبر على ورق، فحاولت واشنطن في عهد بايدن التخفيف من التهديد الإيراني، وهذا ما منح طهران الكثير من حرية الحركة، فكشفت عن حقيقة مشروعها النووي والصاروخي، ففي الشق الأول، سرّعت التخصيب إلى الحد الذي يسمح لها ببناء قنبلة نووية، والثاني امتلكت قذائف يصل مداها إلى عمق العواصم العربية كافة، وتهدد أوروبا، وجنوب شرق آسيا.

في هذا الوضع، طبيعي ألا يرضى العالم بامتلاك نظام يرعى الإرهاب أسلحة دمار شامل، يستطيع من خلالها إرعاب الشعوب.

على هذا الأساس، وضعت واشنطن والعواصم الغربية حداً أقصى للغة العقل، فيما كانت لقاءات وزير الخارجية الإيراني في جنيف، وكذلك خطاب مندوب طهران في مجلس الأمن الدولي، فيها الكثير من الصلافة.

نحن في هذا الأمر لا نعفي إسرائيل، فهي كما أسلفنا "أم الشرور"، لكنها في الوقت نفسه، مؤيدة من معظم دول العالم، ومدعومة منها في هجماتها على المشروع النووي الإيراني، ولقد صدق المستشار الألماني فريدرش ميرتس بقوله: "إن إسرائيل تؤدي حالياً العمل القذر نيابة عن الغرب بأكمله"، وفي الواقع تؤديه نيابة عن العالم.

في المقابل، فإن إيران تعيش حالياً الشك في كل شيء، وفي كل مواطنيها، وهذا عهد الريبة، فيما هي بحاجة إلى من يثق بها.

آخر الأخبار