الثلاثاء 24 يونيو 2025
41°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
ابتسامة السياسة وحنكة الديبلوماسية
play icon
كل الآراء

ابتسامة السياسة وحنكة الديبلوماسية

Time
الأحد 22 يونيو 2025
View
40
جبر التميمي

ليست كل الابتسامات سواء، كما أن المناصب لا تضيء جميع الوجوه، لكن بعض الشخصيات حين تمارس دورها الرسمي، تضيف إليه بعداً إنسانياً يجعل من اللقاء بها ذكرى لا تنسى. وهكذا بدا لي سعادة سفير دولة الامارات العربيه المتحدة الدكتور مطر النيادي، الذي لم يختبئ خلف عبارات المجاملة ولا سطوة البروتوكول، بل تقمّص دور رجل الدولة بروح الإنسان.

ابتسامته فطرية صادقة، تنبع من طبيعة ودودة لا تعرف التصنّع، وروح اجتماعية تعرف كيف تقرّب البعيد، وتؤنس الغريب، وتكرّم من حولها دون أن تشعرهم أنها تجاملهم. ولعلّ أجمل ما فيه، أن العلاقات بالنسبة له ليست مهمات تنجز، بل جسور تبنى، فالسفير النيادي، لا يتحرّك بوصفه مجرّد سفير لدولة، بل بوصفه ممثلاً لمدرسةٍ أخلاقية في التعامل السياسي، تجمع بين التواضع والوقار، وبين الحزم والذوق الرفيع.

في كل مجلس، تصغي إليه الأسماع، لا لأنه يعلو بصوته، بل حديثه يصيب بعمقه، ويقنع بسلاسة، ويريح بنبرته، ولأن من يبتسم كثيراً لا يستهان به.

أدركت مبكراً أن خلف هذه البشاشة عقلاً دقيقاً ومطلعاً واسعاً، ليس على ملفات السياسة وحدها، بل على معادلات الاقتصاد، ومؤشرات التنمية، وكل ما يتصل بمستقبل الأوطان.

ذات يوم، سألته سؤالاً عابراً عن سرّ القفزات التنموية اللافتة في بلاده، ففوجئت بجواب الخبير لا جواب السفير.

تحدّث بثقة العارف بكل زاوية، وتدفقت كلماته بلغة الأرقام لا الشعارات.

أشار إلى القطاعات الواعدة، وشرح أثر الاستثمار في الإنسان، وتوسّع في الحديث عن التحولات الاقتصادية النوعية التي شهدتها بلاده بفضل قيادةٍ رشيدة، وضعت المواطن في قلب الرؤية. لم يكن يقرأ من ورقة، بل من قلبه.

هنا، تيقّنت أن هذا الرجل لا يمثل وطنه بحضوره فقط، بل بفهمه وفخره، وإيمانه بما يمثله. فهو لا يحمل اسم بلاده على بطاقة التعريف، بل على سلوكه، لطفه، عمق حديثه، وعلى قدرته في جعل كل لقاء فرصة لتعزيز الودّ، لا مجرّد بروتوكول.

السفير الدكتور مطر النيادي يذكّرك أن السياسة قد تمارس بابتسامة، لا بمخالب، وأن الديبلوماسية الناجحة لا تقف عند توقيع الاتفاقيات، بل تتجلى في نبل التعامل، ودقّة الإصغاء، وشرف تمثيل الوطن أمام العالم. ولذلك، خرجت من لقائي به كما يخرج المرء من مقابلة رجلٍ حكيم: محفوفا بالاحترام، مشبعاً بالطمأنينة، وأكثر ثقة بأن بعض السفراء لا ينقلون صوت بلادهم فقط، بل رقيّها، ورحابة صدرها، وعلوّ قيمها.

كاتب كويتي

[email protected]

آخر الأخبار