الأربعاء 25 يونيو 2025
41°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
وماذا سيحدث بعد لإيران؟
play icon
الافتتاحية

وماذا سيحدث بعد لإيران؟

Time
الأحد 22 يونيو 2025
View
5500
أحمد الجارالله

ثمة مقولة إن "الشرق شرق والغرب غرب ولن يلتقيا"، وهي كانت صالحة لزمن قديم، أما اليوم، ومع تطور الاتصالات والتكنولوجيا، فهي باتت بالية، ولذا فإن الثقافة الشرقية القائمة عليها، والتي لا تزال ثابتة عند النخب، هي السبب في غموض العلاقة بين الغرب وأوروبا والشرق الأوسط.

وفي هذا الشأن، هناك تاريخ طويل من المفاوضات بين الشرق أوسطيين والغرب وأوروبا، وكلها كانت تنتهي إلى الغلبة الغربية، وعلى هذا الأساس، المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران، وأوروبا، دائماً ما تثير الغموض بشأن الموقف الإيراني، خصوصاً في شأن له علاقة بالوجود، مثل السلاح النووي، لأن المفاوضين الإيرانيين متشبعون بثقافة مبنية على الغموض، والتلاعب بالمصطلحات، والتأخير في البت لمزيد من الدراسة.

في المقابل، يكون الجواب الواضح أفضل الحلول لمشكلة عويصة، يمكن أن تجلب مزيداً من المتاعب للشعوب، فمنذ زمن كان السؤال: هل لدى إيران نية لامتلاك سلاح نووي، وكيف يكون التخصيب سلمياً، وهو بنسب عالية تقترب من الوصول إلى مكونات قنبلة ذرية؟

هذا السؤال لا يطرحه الغرب، أو الولايات المتحدة فقط، بل حتى أصدقاء إيران، والدول المجاورة لها، ولأن الإجابة غير مقنعة، كان الغموض سيد النتائج، حتى بالاتفاق النووي عام 2015، لم تطمئن طهران الشركاء الآخرين فيه، لذلك رأى العالم أنه بمجرد خروج واشنطن عام 2018 منه، سارعت طهران إلى رفع درجات التخصيب بنسبة عالية، مهددة بذلك السلم العالمي، في حل وصلت إلى حيازة القنبلة النووية.

لم يكفِ فتح أبواب المفاعلات النووية لمفتشي الوكالة الدولة للطاقة الذرية، ولا كاميرات المراقبة، لأن ثمة الكثير من المرافق كانت سرية، وهذا ما أثار الشكوك والريبة، بينما نظام طهران لم يبددها، فيما لا تكفي مجرد فتوى دينية في هذا المجال، لأنها سرعان ما يجري نقضها، وتعديلها، وهو ما يحكى اليوم في الأروقة الإيرانية.

صحيح أن دولاً امتلكت سلاحاً نووياً، لكنها، باستثناء الولايات المتحدة (عام 1945 في قصفها اليابان) لم تستخدمه، لأنها تدرك منذ ذلك الحين الفظائع التي يسببها.

أضف إلى ذلك أن التهديد الوجودي لأي دولة لا يمكن أن يقبله العالم، فكيف إذا كانت واحدة منها موجودة واقعاً، ومعترف بها دولياً، ومؤيدة من مروحة كبيرة غربياً ودولياً، وهنا أعني إسرائيل، لذلك عندما يقول الرئيس الأميركي ترامب إن "إيران ترفع شعار إبادة إسرائيل والولايات المتحدة"، فذلك يعني في الذهن الغربي هذا تهديد كبير، لا يمكن قبوله غربياً، أو التعامل معه على أنه للاستهلاك السياسي المحلي.

هذه الإشكالية تسببت في هذا الوضع الحرج للنظام الإيراني الحالي، وباتت تشكل عقبة كبرى حيال أي حل يمكن أن يطمئن المجتمع الدولي، ولهذا رأينا رد الفعل الضعيف، عالمياً، على القصف الأميركي للمواقع النووية الإيرانية، فيما لا يزال هناك نموذج ماثل أمام طهران، وهو كوريا الشمالية المعزولة، التي امتلكت سلاحاً نووياً، لكن العالم كله يجمع على عدم إفساح المجال باستخدامه، جراء ضعف إمكاناتها من جهة، وكذلك رفض الدول المؤيدة لها بتمكينها من ذلك.

هذا كله تسببت به ثقافة الغموض الشرقية، فيما المطلوب هو الوضوح، وفي هذا الشأن ثمة من يقول إن اسرائيل تستخدم الغموض الستراتيجي بشأن امتلاكها سلاح إبادة جماعية.

هنا لا نبرر لها ذلك، لكن تدرك تل أبيب قبل غيرها، أنه إذا سارت في هذا الطريق إلى النهاية، فإن العالم، وخصوصاً حليفتها، الولايات المتحدة، أول من سيعاقبها، لأنها تكون قد تخطت الخطوط الحمر المرسومة لها أميركياً وغربياً، ففي النهاية هي دولة وظيفية، وكما نقول بالعامية الخليجية "لا تقدح من رأسها"، واللبيب يفهم.

  • أحمد الجارالله
آخر الأخبار